Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 42-46)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكذا قالت ملائكة القوى الروحانية لمريم النفس الزكية الطاهرة { إن الله اصْطفاكِ } لتنزّهك عن الشهوات { وطهرك } عن رذائل الأخلاق والصفات المذمومة { واصطفاكِ على نسَاء } نفوس الشهوانية الملونة بالأفعال الذميمة والملكات الرديئة { يا مَرْيم } أطيعي لربك بوظائف الطاعات والعبادات { واسْجدي } في مقام الانكسار والذلّ والافتقار والعجز والاستغفار { واركَعي } في مقام الخضوع والخشوع مع الخاضعين . { ذلكَ من أنبَاء الغَيب } أي : أحوال غيب وجودك { نُوحِيه إليكِ } يا نبيّ الروح { وما كنت لدَيهم } لدى القوى الروحانية والنفسانية ، أي : في رتبتهم ومقامهم { إذْ يلقون أقلامهم أيهم يَكفل مريم } أي : يتسابقون في سهامهم ويتبادرون في حظوظهم أيهم يدبر مريم النفس ويكفلها بحسب رأيه ومقتضى طبعه يترأس عليها ويأمرها بما يراه من مصلحة أمره { وما كنت لدَيهم } في مقام الصدور الذي هو محل نزاع القوى الروحانية والنفسانية ومحل نزاعهم الذي هو الصدر { إذْ يَخْتَصِمون } يتنازعون ويتجاذبون في طلب الرياسة عند ظهوره قبل الرياضة وفي حالها ، إذ غلبت ملائكة القوى الروحانية بتوفيق الحق بعد الرياضة . وقالت لمريم النفس : { إنّ الله يبشّرك بِكَلمة } القلب موهوباً { منه اسمُه المَسِيح } لأنه يمسحك بالنور { وجيهاً في الدنيا } لإدراكه الجزئيات وتدبير مصالح المعاش أجود وأصفى وأصوب ما يكون ، فيطيعه ويذعن له ، ويحتشمه ويعظمه ، أنس القوى الظاهرة وجنّ القوى الباطنة { و } في { الآخِرَة } لإدراكه المعاني الكليّة والمعارف القدسيّة وقيامه بتدبير المعاد والهداية إلى الحق ، فنعطيه ملكوت سماء الروح ، ونكرمه . ومن جملة مقربي حضرة الحق قابلاً لتجلياته ومكاشفاته { ويكلم الناس } في مهد البدن { وكهلاً } بالغاً إلى قرب طور شيخ الروح ، غالباً عليه بياض نوره { ومن الصالحين } لمقام المعرفة .