Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 7-12)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سمت من أن يتطرق إليها الاحتمال والاشتباه لا يحتمل إلا معنى واحداً { هنّ أمّ } أي : أصل { الكتاب وأُخَر مُتَشابهات } تحتمل معنيين فصاعداً ويشتبه فيها الحق والباطل ، وذلك أنّ الحق تعالى له وجه هو الوجه المطلق الباقي بعد فناء الخلق لا يحتمل التكثر والتعدّد ، وله وجوه متكثرة إضافية متعدّدة بحسب مرائي المظاهر . وهي ما يظهر بحسب استعداد كل مظهر فيه من ذلك الوجه الواحد ، يلتبس فيها الحق بالباطل ، فورد التنزيل كذلك لتنصرف المتشابهات إلى وجوه الاستعدادات فيتعلق كل بما يناسبه ، ويظهر الابتلاء والامتحان . فأمّا العارفون المحققون الذين يعرفون الوجه الباقي في أية صورة وأي شكل كان ، فيعرفون الوجه الحق من الوجوه التي تحتملها المتشابهات فيردونها إلى المحكمات متمثلين بمثل قول الشاعر : @ وما الوجه إلا واحد غير أنه إذا أنت أعددت المزايا تعدّدا @@ وأمّا المحجوبون { الذين في قُلُوبهم زَيغ } عن الحق { فيتبعون ما تَشَابه } لاحتجابهم بالكثرة عن الوحدة . كما أن المحققين يتبعون المحكم ، ويتبعونه المتشابه ، فيختارون من الوجوه المحتملة ما يناسب دينهم ومذهبهم { ابْتِغاء الفِتْنة } أي : طلب الضلال والإضلال الذي هم بسبيله { وابْتِغَاء تَأْويله } بما يناسب حالهم وطريقتهم . @ إذا اعوج سكين فعوّج قرابه @@ فهم كما لا يعرفون الوجه الباقي في الوجوه ، لزم أن لا يعرفوا المعنى الحق من المعاني ، فيزداد حجابهم ويغلظ ليستحقوا به العذاب { وما يَعلم تَأويله إلا الله والراسِخونَ في العلمِ } العالمون ، يعلمون بعلمه ، أي : إنما يعلمه الله جميعاً وتفصيلاً { يقولون آمنا به } يصدّقون علم الله به ، فهم يعلمون بالنور الإيماني { كلّ من عِند ربنا } لأن الكلّ عندهم معنى واحد غير مختلف { وما يَذكر } بذلك العلم الواحد المفصل في التفاصيل المتشابهة المتكثرة إلا الذين صفت عقولهم بنور الهداية وجرّدت عن قشر الهوى والعادة . { ربنا لا تُزغْ قلوبنا } عن التوجه إلى جنابك ، والسعي في طلب لقائك ، والوقوف ببابك ، بالافتتان بحبّ الدنيا وغلبة الهوى ، والميل إلى النفس وصفاتها ، والوقوف مع حظوظها ولذاتها { بعد إذْ هَدَيتنا } بنورك إلى صراطك المستقيم ، والدين القويم ، وبسبحات وجهك إلى جمالك الكريم { وهَبْ لنا من لدُنك رحمةً } رحيمية تمحو صفاتنا بصفاتك وظلماتنا بأنوارك { إنك أنت الوهاب } { ربنا إنك جَامع الناس لِيَوم لا رَيْبَ فيه } أي : يجمعهم ليوم الجمع الذي هو الوصول إلى مقام الوحدة الجامعة للخلائق أجمعين الأولين والآخرين ، فلا يبقى لهم شك في مشهدهم ذلك { لن تُغْني عنهم أمْوَالهم ولا أوْلادهم من الله شَيئاً } بل هي سب حجابهم وبُعدهم من الله وتعذيبهم بعذابه لشدّة تعلقهم بهم ومحبتهم إياهم .