Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 102-182)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فلما بلغ معه السعي } بالسلوك في طريق الكمالات الخلقية والفضائل النفسانية ، أوحى إليه أن يذبحه بالفناء في التوحيد والتسليم لربّه الحق بالتجريد من الصفات الكمالية : فأخبره بذلك ، فانقاد وأسلم وجهه بالفناء في ذاته عن صفاته ، ففدى على يد جبريل العقل الفعّال بذبح النفس الشريفة ، السمينة العلوم ، العظيمة الأخلاق وكمالات الفضائل ، فذبحت بالفناء فيه ، وأنجى إسماعيل القلب بالفناء الحقاني الموهوب المفدّى من جهة الله ، وترك الله عليه السلام في العالمين المتخلفين عن مقامه لاهتدائهم بنوره واقتدائهم بإيمانه وهديه . { وإنّ يونس } القلب { لَمِن المُرْسَلين } إلى أهل النقصان ، المحتجبين بالأبدان ، المتّبعين للشيطان ، المتظاهرين بالطغيان { إذ أبق } إلى فلك البدن { المشحون } بالقوى البدنية وكمالاتها الحسيّة الجاري في بحر الهيولى { فساهم } أي : فاقترع معهم في الحظوظ البدنية واختيارها بالأفكار العقلية { فكان من المدحضين } المحجوبين ، المزلقين بالحجة البرهانية اليقينية لأنهم بدنيون أهل البحر والسفينة ، وهو القدسيّ المجرّد من سكان الحضرة الإلهية ، الآبق من سيده إلى السفينة ، الملقي بيده إلى التهلكة ، فألقي في البحر ، فالتقمه حوت الرحم كلقطة النطفة { وهو مليم } مستحق للملامة للتعلق بالملابس البدنية الموجبة لوقوعه في تلك البليّة . { فلولا أنه كان من المسبحين } المنزهين لربّه بالتقديس حالة التجريد والتوحيد { للبث في بطنه } كسائر القوى الطبيعية والنفسانية المنغمسة في بطون حيتان الصور النوعية الجسمانية من الطبائع الهيولانية { إلى يوم يبعثون } أي : يوم يبعث المجرّدون عن مراقد أبدانهم مع بقائه في مرقده كسائر الغافلين ، أو يوم يبعث رفقاؤه البدنيون في القيامة الصغرى { فنبذناه بالعراء } أي : بالفضاء من عرصة الدنيا بالولادة { وهو سقيم } ضعيف ممنوّ بالأعراض المادية واللواحق الطبيعية { وأنبتنا عليه شجرة من يقطين } لا تقوم على ساق وتنسرح على وجه الأرض تظلل عليه بأوارقها من الغواشي البدنية . وقد قيل في التفاسير الظاهرة : إنه قد ضعف بدنه في بطن الحوت وصار كطفل ساعة يولد { وأرسلناه } عند الكمال { إلى مائة ألف أو يزيدون } والله أعلم .