Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 31-36)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إنْ تَجْتنبوا كبائرَ ما تُنْهَون عنه } من إثبات الغير في الوجود الذي هو الشرك ذاتاً وصفة وفعلاً ، فإن أكبر الكبائر إثبات وجود غير وجوده تعالى كما قيل : @ وجودك ذنب لا يُقاس به ذنب @@ ثم إثبات الإثنينية في الذات بإثبات زيادة الصفات عليها ، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام . وكما قال : " الإخلاص له نفي الصفات عنه " . { نكفر عنكم سيئاتكم } بظهور النفس والقلب بصفة من صفاتها أحياناً ، فإنها بعد ظهور نور التوحيد لا تثبت { ونُدْخِلكم مدْخلاً كَرِيماً } أي : حضرة عين الجمع لا كرم إلا فيها { ولا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكُم على بَعض } من الكمالات المرتبة بحسب الاستعدادات الأولية ، فإن كل استعداد يقتضي بهويته في الأزل كمالاً وسعادة تناسبه ، وحصول ذلك الكمال الخاصّ لغيره محال . ولذلك ذكر بلفظ التمني الذي هو طلب ما يمتنع حصوله للطالب لامتناع سببه { للرّجال } أي : الأفراد الواصلين { نصيبٌ مما اكْتسبوا } بنور استعدادهم الأصليّ { وللنساء } أي : الناقصين القاصرين عن الوصول { نصيبٌ مما اكْتَسبن } بقدر استعدادهنّ { واسْألوا الله من فَضْله } أي : اطلبوا منه إفاضة كمال يقتضيه استعدادكم بالتزكية والتصفية حتى لا يحول بينكم وبينه فتحتجبوا وتتعذبوا بنيران الحرمان منه { إنّ الله كان بكل شيءٍ } مما يخفى عليكم ، كامناً في استعدادكم بالقوّة { عَلِيماً } فيجيبكم بما يليق بكم كما قال : { وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ } [ إبراهيم ، الآية : 34 ] أي : بلسان الاستعداد الذي ما دعاه أحد به إلاّ أجاب ، كما قال : { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر ، الآية : 60 ] . { واعْبدوا الله } خصصوه بالتوجه إليه ، والفناء فيه ، الذي هو غاية التذلّل { ولا تُشْرِكوا به شَيْئاً } بإثبات وجوده { وبالوالدينِ إحسَاناً } وأحسنوا بالروح والنفس اللذين تولد القلب منهما وهو حقيقتكم ، لستم إلاّ إيّاه ، ووفوا حقوقهما وراعوهما حقّ المراعاة بالاستفاضة من الأول ، والتوجه إليه بالتسليم والتعظيم وتزكية الثانية ، وحفظها من أدناس محبة الدنيا ، والتذلّل بالحرص والشره وأمثالهما ، ومن شرّ الشيطان وعداوته إياها وأعينوها بالرأفة والحمية بتوفير حقوقها عليها ، ومنع الحظوظ عنها { وبِذِي القُرْبى } الذي يناسبكم في الحقيقة بحسب القرب في الاستعداد الأصليّ والمشاكلة الروحانية { واليَتامى } المستعدّين المنقطعين عن نور الروح القدسيّ الذي هو الأب الحقيقي ، بالاحتجاب عنه والمساكِينْ العاملين الذين لا مال لهم ، أي : لا حظ من العلوم والمعارف والحقائق ، فسكنوا ولم يقدروا على المسير وهم السعداء الصالحون الذين مآلهم إلى جنة الأفعال . { والجار ذِي القربى } الذي هو في مقام من مقامات السلوك ، قريب من مقامك { والجار الجنبِ } الذي هو في مقامه بعيد من مقامك ، { والصاحِب بالجنب } والرفيق الذي هو في عين مقامكم ويرافقكم في سيركم { وابْن السبيل } أي : السالك في طريق الحقّ ، الداخل في الغربة عن مأوى النفس الذي لم يصل إلى مقام من مقامات أهل الله { وما مَلكَت أيمَانكم } من أهل إرادتكم ومحبتكم ، الذين هم عبيدكم كُلاًّ بما يناسبه ويليق به من أنواع الإحسان ، وإن شئت أوّلت ذي القربى بما يتصل به من الملكوت العالية من المجرّدات واليتامى بالقوى الروحانية كما مرّ . والمساكين بالقوى النفسانية من الحواس الظاهرة وغيرها . والجار ذي القربى بالعقل ، والجار الجنبِ بالوهم ، والصاحب بالجنب بالشوق والإرادة ، وابن السبيل بالفكر ، والمماليك بالملكات المكتسبة التي هي مصادر الأفعال الجميلة . { إن الله لا يحبّ من كان مُخْتالاً } يسعى في السلوك بنفسه لا بالله ، معجباً بأعماله { فَخُوراً } مبتهجاً بأحواله ومقاماته وكمالاته ، محتجباً برؤيتها ورؤية اتصافه بها .