Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 42-43)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يومئذٍ يَود الذين كَفَروا } بالاحتجاب عن الحق { وعصُوا الرسول } بالاحتجاب عن الدين { لو تُسوّى بهم } أرض الاستعداد ، فتنطمس نفوسهم أو تصير ساذجة لا نقش فيها من العقائد الفاسدة والرذائل الموبقة { ولا يَكْتمون الله حَدِيثاً } أي : لا يقدرون على كتم حديث من تلك النقوش حتى لا يتعذبون بعقابه . { يا أيها الذينَ آمنُوا } بالإيمان العلميّ ، فإن المؤمن بالإيمان العيني لا يكون في صلاته غافلاً { لا تَقْرَبوا الصلاة } أي : لا تقربوا مقام الحضور والمناجاة مع الله في حال كونكم { سُكَارى } من نوم الغفلة ، أو من خمور الهوى ومحبة الدنيا { حتى تعلموا ما تقولون } في مناجاتكم ولا تشتغل قلوبكم بأشغال الدنيا ووساوسها فتذهلوا عنه ، ولا في حال كونكم بعداء عن الحق بشدّة الميل إلى النفس ومباشرة لذاتها وشهواتها وحظوظها والركون إليها { إلاّ عابري سبيل } أي : مارّين عليها ، سالكي طريق من طرق تمتعاتها بقدر الضرورة والمصلحة كعبور طريق الاغتذاء بالمطعم والمشرب لسدّ الرمق وحفظ القوة ، والاكتساء لدفع الحرّ والبرد وستر العورة ، والمباشرة لحفظ النسل لا منجذبين إليها بالكلية بمجرّد الهوى فتنطبع فيكم فلا يمكن زوالها أو يتعذر { حتى تغتسلوا } أي : تتطهروا عن تلك الهيئة الحاصلة من الانجذاب إلى الجهة السفلية بماء التوبة والاستغفار وعيون التنصل والاعتذار { وإن كنتم مرضى } القلوب ، فاقدي سلامتها بأمراض العقائد الفاسدة والرذائل المهلكة { أو على سفر } في تَيْه الجهل والحيرة لطلب لذّة النفس ومادة الرجس بالحرص { أو جاء أحد منكم } من الاشتغال بلوث المال وكسب الحطام ملوّثاً بهيئة محبته وميله راسخة فيه تلك الهيئة { أو لامستم النساء } لازمتم النفوس وباشرتموها في لذاتها وشهواتها { فلم تجدوا ماء } علماً يهديكم إلى التفصي منها ويهذبكم بالتطهّر عنها { فتيمموا صعيداً طيباً } فتوجهوا صعيد استعدادكم الطيب ، واقصدوه وارجعوا إلى أصل الاستعداد الفطريّ { فامْسَحوا } من نوره { بِوجُوهكم وأيديكُم } أي : ذواتكم الموجودة وصفاتكم بالنزول ومحو هيئات العلق بها ، والتصرّف فيها ، فإن ذلك التراب يمحو آثارها ويذرها صافية كما كانت { إنّ الله كان عفوّاً } يعفو عن تلك الهيئات المظلمة ورسوخ تلك الملكات الحاجبة بتركها والإعراض عنها ، فيزيلها بالكلية فيصفو استعدادكم وتستعدّوا للقائه ومناجاته { غَفُوراً } يستر صفاتكم وذواتكم بصفاته وذاته .