Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 36-50)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
والصرح الذي أمر فرعون هامان ببنائه هو قاعدة الحكمة النظرية من القياسات الفكرية ، فإن القوم كانوا منطقيين محجوبين بعقولهم المشوبة بالوهم غير المنوّرة بنور الهداية ، أراد أن يبلغ طرق سموات الغيوب ويطلع على الحضرة الأحدية بطريق الفكر دون السلوك في الله بالتجريد والمحو والفناء ولاحتجابه بأنائيته وعلمه قال { وإني لأظنه كاذباً وكذلك } أي : مثل ذلك التزيين والصدّ { زيّن لفرعون سوء عمله } لاحتجابه بصفات نفسه ورذائله { وصدّ عن السبيل } لخطئه في فكره ، أي : فسد علمه ونظره لشدة ميله إلى الدنيا ومحبته إياها بغلبة الهوى بخلاف حال الذي آمن حيث حذر أولاً من الدنيا بقوله : { يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن الآخرة هي دار القرار } لسرعة زوال الأولى وبقاء الأخرى دائماً { أدعوكم إلى النجاة } أي : التوحيد والتجريد الذي هو سبب نجاتكم { وتدعونني } إلى الشرك الموجب لدخول النار { وأشرك به ما ليس لي } بوجوده علم إذ لا وجود له { وأنا أدعوكم إلى العزيز } الغالب الذي يقهر من عصاه { الغفّار } الذي يستر ظلمات نفوس من أطاعه بأنواره . { لا جرم } إلى آخره ، أي : وجب وحق { أنّ ما تدعونني إليه } لا دعوة له في الدارين لعدمه بنفسه واستحالة وجوده فيهما { النار يعرضون عليها غدوّاً وعشيّاً } أي : تصلى أرواحهم بنار الهيئات الطبيعية واحتجاب الأنوار القدسية والحرمان عن اللذات الحسيّة والشوق إليها مع امتناع حصولها . { ويوم تقوم الساعة } بمحشر الأجساد أو ظهور المهدي عليه السلام . قيل لهم : ادخلوا { أَشد العذاب } لانقلاب هيئاتهم وصورهم وتراكم الظلمات وتكاثف الحجب وضيق المحبس وضنك المضجع على الأول ، وقهر المهدي عليه السلام إياه وتعذيبه لهم لكفرهم به وبعدهم عنه ومعرفته إياهم بسيماهم على الثاني .