Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 12-18)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فقضاهن سبع سموات في يومين } أي : المادة والصورة كالأرض { وأوحى في كل سماء أمرها } أي : أشار إليها بما أراد من حركتها وتأثيرات ملكوتها وتدبيراتها وخواص كوكبها وكل ما يتعلق بها . { وزينا السماء الدنيا } أي : السطح الذي يلينا من فلك القمر { بمصابيح } الشهب { و } حفظناها { حفظاً } من أن تنخرق بصعود البخارات إليها ووصول القوى الطبيعية الشيطانية إلى ملائكتها { ذلك تقدير العزيز } الغالب على أمره كيف يشاء { العليم } الذي أتقن صنعه بعلمه ، أو أئنكم لتكفرون وتحتجبون بالغواشي البدنية عن الذي خلق أرض البدن وجعلها حجاب وجهه في يومين أي شهرين أو حادثين مادة وصورة ، وتجعلون له أنداداً بوقوفكم مع الغير ونسبتكم التأثير إلى ما لا وجود له ولا أثر ، ذلك الخالق هو الذي يربّ العالمين بأسمائه وجعل فيها رواسي الأعضاء من فوقها أو رواسي الطبائع الموجبة للميل السفلي من القوى العنصرية والصور الماديّة التي تقتضي ثباتها على حالها ، وبارك فيها بتهيئة الآلات والأسباب والمزاجات والقوى التي تتم بها لمقته وأفعاله وقدّر فيها أقواتها بتدبير الغاذية وأعوانها وتقدير مجاري الغذاء وأمور التغذية وأسبابها وموادّها في تتمة أربعة أشهر ، أي : جميع ذلك في أربعة أشهر سواء متساوية أو في مواد العناصر الأربعة ، ثم استوى أي : بعد ذلك قصد قصداً مستوياً من غير أن يلوي إلى شيء آخر ، إلى سماء الروح وتسويتها وهي دخان أي : مادة لطيفة من بخارية الأخلاط ولطافتها مرتفعة من القلب . وقد جاء في الحديث : " إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمّه أربعين يوماً نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يبعث الله إليه ملكاً بأربع كلمات ، فيكتب عمله وأجله ورزقه وشقيّ أم سعيد ، ثم ينفخ فيه الروح " ويعضده حديث آخر في أنّ نفخ الروح في الجنين يكون بعد أربعة أشهر من وقت الحمل . فقال لها ولأرض البدن : ائتيا ، أي : تعلقت إرادته بتكوينهما وصيرورتهما شيئاً واحداً وخلقاً جديداً ، فتكونا على ما أراد من الصورة وهذا معنى خلوّ الأرض قبل السماء غير مدحوّة ودحوها بعده . فإن المادة البدنية وإن تخلقت بدناً قبل اتصال الروح وانتفاخه فيها لكن الأعضاء لم تنبسط ولم ينفتق بعضها من بعض إلا بعده ، فقضاهنّ سبع سموات ، أي : الغيوب السبعة المذكورة من القوى والنفس والقلب والسرّ والروح والخفاء ، والحق الذي أدرج هويته في هوية الشخص الموجود وتنزل بإيجاده في هذه المراتب واحتجب بها وإن جعلت السبعة من المخلوقات حتى تخرج الهوية من جملتها فإحداها وهي الرابعة بين القلب ، والسرّ العقل ، وهي السماء الدنيا باعتبار دنوّها من القلب الذي به الإنسان إنساناً في يومين في شهرين آخرين ، فتمّ مدة الحمل ستة أشهر أو مدة خلق الإنسان ، ولهذا إذا ولد بعد تمام الستة على رأس الشهر السابع عاش مستوي الخلق أو في طورين مجرّدة وغير مجرّدة أو حادثين روح وجسد والله أعلم . { وأوحى في كل سماء } من الطبقات المذكورة { أمرها } وشأنها المخصوص بها من الأعمال والإدراكات والمكاشفات والمشاهدات والمواصلات والمناغيات والتجليات . { وزيّنا السماء الدُّنيا } أي العقل بمصابيح الحجج والبراهين { وحفظناها } من استراق شياطين الوهم والخيال ، كلام الملأ الأعلى من الروحانيات بالترقي إلى الأفق العقلي واستفادة الصور القياسية لترويج أكاذيبها وتخيلاتها بها .