Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 50-54)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أفحكم الجاهلية يبغون } أي : ما يطلبون بجهلهم إلا حكماً صادراً عن مقام النفس بالجهل لا صادراً عن علم إلهي { من يرتدّ } من يرجع عن طريق الحق إلى الاحتجاب ببعض الحجب ، أيّ حجاب كان وخرج عنه فهو من المردودين لا من أهل المحبة ولا ينثلم ولا ينتقض دين الحق بارتداده ، فإن الله سوف يأتي بقوم يحبهم بحسب العناية الأولى لا لعلة بل لذواتهم ، ويحبون ذاته لا لصفة من صفاته ككونه لطيفاً أو رحيماً أو منعماً فإن محبة الصفات تتغير باختلاف تجلياتها ومن يحب اللطيف لم تبق محبته إذا تجلى بصفة القهر ، ومن يحب المنعم انمحت محبته إذا تجلى بصفة المنتقم . وأما محبة الذات فهي باقية ببقائها لا تتغير باختلاف التجليات فيحب محبها القهار عند القهر كما يحب اللطيف عند اللطف ، ويحب المنتقم حالة الانتقام كما يحب المنعم حالة الإنعام فلا تفاوت في الرضا وعدمه ، ولا تختلف محبته في أحواله ويشكر عند البلاء كما يشكر عند النعماء . وأما من يحب المنعم فلا يشكر عند البلاء بل يصبر ومثل هذه المحبة يلزم المحبة الأولى التي هي لله ولأوليائه فيحبونه بحبه إياهم ، وإلا فمن أين لهم المحبة لله ، ما للتراب وربّ الأرباب . { أذِلة على المؤمنين } لينين حانين عليهم ، عطوفين في تواضعهم لهم لمكان الجنسية الذاتية ورابطة المحبة الأزلية والمناسبة الفطرية بينهم { أعِزةً } أشدّاء غلاظ { على } المحجوبين لأضداد ما ذكر { يجاهدون في سبيل الله } بمحو صفاتهم وإفناء ذواتهم التي هي حجب مشاهداتهم { ولا يخافون لومة لائم } من نسبتهم إلى الإباحة والزندقة والكفر ، وعذلهم بترك الدنيا ولذاتها ، بل بترك الآخرة ونعيمها كما قال أمير المؤمنين عليه السلام : " اعبدوا الله لا لرغبة ولا لرهبة " ، فهم من الفتيان الذين قيل فيهم :