Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 6-11)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يا أيها الذين آمنُوا } الإيمان العلمي { إذا قُمْتُم إلى الصلاة } انبعثتم عن نوم الغفلة وقصدتم إلى صلاة الحضور والمناجاة الحقيقية والتوجه إلى الحقّ { فاغْسِلوا وجُوهكم } أي : طهروا وجود قلوبكم بماء العلم النافع الطاهر المُطَهر من علم الشرائع والأخلاق والمعاملات التي تتعلق بإزالة الموانع عن لوث صفات النفس { وأيديكم } أي : وقدركم عن دنس تناول الشهوات والتصرفات في موادّ الرجس { إلى المَرَافِق } إلى قدر الحقوق والمنافع { وامْسَحوا برؤوسكم } بجهات أرواحكم عن قتام كدورة القلب وغبار تغيره بالتوجه إلى العالم السفلي ومحبة الدنيا بنور الهدى . فإنّ الروح لا يتكدر بالتعلق ، بل يحتجب نوره عن القلب فيسودّ القلب ويظلم ويكفي في انتشار نوره صقل الوجه العالي من القلب الذي إليه ، فإن القلب ذو وجهين أحدهما : إلى الروح والرأس ههنا إشارة إليه . والثاني : إلى النفس وقواها ، فأحرى بالرجل أن تكون إشارة إليه { وأرجلكم } وجهات قواكم الطبيعية البدنية بنفض غبار الانهماك في الشهوات والإفراط في اللذّات { إلى الكَعْبين } إلى حدّ الاعتدال الذي يقوم به البدن . فعلى هذا من انهمك في الشهوات وأفرط في اللذّات احتاج إلى غسلها بماء علم الأخلاق وعلم الرياضات حتى ترجع إلى الصفاء الذي يستعدّ به القلب للحضور والمناجاة ، ومن قَرُب حوضه فيها من الاعتدال كفاه المسح ولهذا مسح من مسح وغسل من غسل { وإن كنتم جُنباً } بُعَدَاء عن الحق بالانجذاب إلى الجهة السفلية والإعراض عن الجهة العلوية والميل الكلي إلى النفس { فاطهروا } بكليتكم عن تلك الهيئة المظلمة والصفة الخبيثة الموجبة للبُعد والاحتجاب . { وإن كنتم مرضى } إلى آخره مكرر ، { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } من ضيق ومشقّة بكثرة المجاهدات والمكابدات { ولكن يريد } أن يطهركم من الهيآت المظلمة والصفات الخبيثة { وليتمّ نعمته عليكم } بالتكميل { ولعلكم تَشْكُرون } نعمة الكمال بالاستقامة والقيام بحق العدالة عند البقاء بعد الفناء { نِعمة الله عليكم } بالهداية إلى طريق الوصول { وميثاقه } أي : عقود عزائمه المذكورة إذ قبلتموها من معدن النبوّة بصفاء الفطرة { هو أقرب للتقوى } أي : العقل أقرب للتجرّد عن ملابس صفات النفس واتخاذ صفات الله تعالى وقاية لأنه أشرف الفضائل الذي إذا حصل تبعه الجميع { واتّقوا الله } واجعلوه وقاية لكم في صدور العدل منكم فإن منبع الكمالات والفضائل ذاته تعالى { إنّ الله خبير بما تعملون } أنه من صفات نفوسكم أو منه . { وعَدَ الله الذين آمنوا } منكم بالتوحيد العلمي { وعَمِلوا الصالحات } التي توصلهم إلى التوحيد العيني وتعدّهم لذلك { لهم مغفرة } من صفاتهم { وأجر عظيم } من تجليات صفاته تعالى . { إذ همّ قوم } من قوى نفوسكم المحجوبة وصفاتها { أن يبسطوا إليكم أيديهم } بالاستيلاء والقهر والاستعلاء لتحصيل مآربها وملاذها فمنعها عنكم بما أراكم من طريق التطهير والتنزيه { واتّقوا الله } واجعلوه وقاية في قهرها ومنعها { وعلى الله فليتوكل المؤمنون } برؤية الأفعال كلها منه .