Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 16-32)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إذ يغشى السدرة } من جلال الله وعظمته { ما يغشى } لأنه صلى الله عليه وسلم كان يراها عند تحققه بالوجود الحقاني بعين الله فرأى الحق متجلياً في صورتها ، فقد غشي السدرة من التجلي الإلهي ما سترها وأفناها فرآها بعين الفناء لم يحتجب بها وبصورتها ولا بجبريل وحقيقته عن الحق ، ولهذا قال : { ما زاغ البصر } بالالتفات إلى الغير ورؤيته { وما طغى } بالنظر إلى نفسه واحتجابه بالأنائية . { لقد رأى من آيات ربّه الكبرى } أي : الصفة الرحمانية الذي يندرج فيها جميع الصفات بتجليه تعالى فيها بل حضرة الاسم الأعظم الذي هو الذات مع جميع الصفات المعبر عنه بلفظة الله في عين جمع الوجود ، بحيث لم يحتجب عن الذات بالصفات ولا بالصفات عن الذات . { وكم من ملك في السموات } إلى آخر الآية ، الشفاعة من الملائكة : هي إفاضة الأنوار والإمداد على المستشفع عند استفاضته بالتوسل بالشفيع الذي هو الوسيلة والواسطة المناسبة بينهما واتصال فعلي ، هذا شفاعتهم في حق النفوس البشرية لا تكون إلا إذا كانت مستعدّة في الأصل ، قابلة لفيض الملكوت . ثم تزكوا عن الهيئات البشرية والغواشي الطبيعية بالتوجه إلى جناب القدس والتجرّد عن ملابس الحس ومواد الرجس فتستفيض من نورها وتستمد من فيضها وتتصل بها وتنخرط في سلكها ، فتتقرّب إلى الله بواسطتها . فالاستعداد القابل الأصلي هو الإذن في الشفاعة والرضا بها هو الزكاء والصفاء الحاصل بالسعي والاجتهاد ، فإذا اجتمعا حصلت الشفاعة وإن لم يكن الاستعداد في الأصل أو كان وقد تغير بالعلائق والغواشي ولم تبق على صفائها فلم يكن إذن ولا رضا من الله فلا شفاعة ، فقوله : { لا تغني شفاعتهم شيئاً } معناه : عدم الشفاعة لا وجودها ، وعدم إغنائها لاستحالة ذلك في عالم الملكوت فهو كقوله :