Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 33-62)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وإبراهيم الذي وفى } حق الله عليه بتسليم الوجود إليه حال الفناء في التوحيد بالقيام بأمر العبودية وتبليغ الرسالة والنبوة في مقام الاستقامة أو أتم الكلمات التي ابتلاه الله بها وهي ما ذكر من الصفات . وقرىء : { وفى } ، مخففاً ، أي : بعهده المأخوذ ميثاقه عليه في أول الفطرة بأن ثبت عليه حتى بلغ مقام التوحيد المشار إليه بقوله : { إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ } [ الأنعام ، الآية : 79 ] . { ألاَّ تَزر وازرة وِزر أخرى } لأن العقاب يترتب على هيئات مظلمة رسخت في النفس بتكرار الأفاعيل والأقاويل السيئة التي هي الذنوب وكذلك الثواب إنما يترتب على أضدادها من هيئات الفضائل ، كما قال تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى } بخلاف الحظوظ العاجلة المقسومة المقدّرة وإن كانت تلك أيضاً مستندة إلى قضاء من الله وقدر ، لكن المعتبر هو السبب القريب الموجب لكل منهما . النشأة الأخرى تقع على أمور ثلاثة : الأول : إعادة الأرواح إلى الأجساد للحساب والجزاء المرتب على أعمال الخير والشر بالمصير إلى النار أو جنة الأفعال . والثاني : هو العوده إلى الفطرة الأولى والرجوع إلى مقام القلب . والثالث : هو العود إلى الوجود الموهوب الحقاني بعد الفناء التام . والأول لا بد لكل أحد منه سواء كانت الأجساد نورانية أو ظلمانية دون الباقيين . { أزفت الأزفة } إن حملت على القيامة الصغرى فقربها ظاهر ، والكاشفة إما المبينة لوقتها أو الدافعة وإن حملت على الكبرى فقربها من وجهين : أحدهما القرب المعنوي لأنها أقرب شيء إلى كل أحد لكونه في عين الوحدة وإن كان هو بعيداً عنها لغفلته وعدم شعوره بها ، والثاني : أن وجود محمد وبعثته عليه السلام مقدمة دور الظهور وأحد أشراطه ، ولهذا قال : " بعثت أنا والساعة كهاتين " وجمع بين السبابة والوسطى ، وتظهر بوجود المهدي عليه السلام { ليس لها من دون الله كاشفة } أي : نفس مبينة لامتناع وجود غيره وعلمه عندها { فاسْجدوا لله } بالفناء { واعْبدوا } بالبقاء بعده ، والله أعلم .