Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 54, Ayat: 23-48)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فكيف كان عذابي } لقومه بإهلاكهم في ورطة الجهل وحرمان الحياة الحقيقية واللذة السرمدية وإنذاري على لسان نوح عليه السلام . ووجه آخر وهو : تأوّل فتح السماء بإنزال الرحمة والوحي على نوح ، أي : فتحنا أبواب سماء روح نوح بعلم كلي منصب بقوّة شاملة لجميع الجزئيات وفجرنا أرض نفسه عيوناً ، أي : علوماً جزئية ، كأن نفسه كلها علوم ، فالتقى العلمان بانضمامها فصارت قياسات وآراء صحيحة بنى عليها شريعته المؤسسة على العمليات والنظريات ، فحملناه عليها بالعمل بها والاستقامة فيها فنجا فيها وبقي قومه في ورطة الجهل ، فغرقوا في تيار بحر الهيولى وأموال الجهالات وهلكوا . { إنّا مرسلو } ناقة نفسه ابتلاء { لهم } ليتميز المستعدّ القابل السعيد ، من الجاهل المنكر الشقي { فارْتقبهم } لتنظر نجاة الأول وهلاك الثاني { واصْطَبر } على دعوتهم { ونبِّئهم أنّ } ماء العلم { قسمة بينهم } لها علم الروح الفائض عليها ولهم علم النفس ، أي : لها المعقولات ولهم المحسوسات { كل شرب محتضر } هي تحضر شربها بالتوجه إلى الروح وقبول العلوم الحقيقية والنافعة منها وهم يحضرون شربهم بالأوي إلى منبع الخيال والوهم ، وتلقي الوهميات والخياليات منه . { بل الساعة موعدهم } أي : القيامة الصغرى ووقعوهم في العذاب الأبدي بزوال الاستعداد وقلب الوجود إلى أسفل ، وهي أشدّ وأمرّ من عذاب القتل والهزيمة . { إنّ المجرمين } الذين أجرموا بكسب الهيئات المظلمة الرديئة الجسمانية { في ضلال } عن طريق الحق لعمى قلوبهم بظلمة صفات نفوسهم { وسعر } أي : جنون ووله لاحتجاب عقولهم عن نور الحق بشوائب الوهم وحيرتها في الباطل . { يوم يسحبون في النار على وجوههم } بحشرها في صور وجوهها إلى الأرض وتسخيرها في قهر الملكوت الأرضية فيقهرها في أنواع العذاب ويعذبها بنيران الحرمان يقال لهم : { ذوقوا مسّ سقر } .