Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 7-9)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } لأنه متحقق بالله فكل ما أمر به فهو أمر الله وما نهى عنه نهي الله لقوله : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } [ النجم ، الآيات : 3 - 4 ] { للفقراء المهاجرين } أي : التاركين المجرّدين المهاجرين عن مقام النفس { الذين أُخْرجوا } أي : أخرجهم الله ، إذ لو خرجوا بنفوسهم لاحتجبوا بها وبرؤية الترك والتجريد فوقعوا في مقام النفس مع حجاب العجب الذي هو أشدّ من الذنب { من ديارهم وأموالهم } من مواطنهم ومألوفاتهم أي : صفات نفوسهم ومعلوماتهم { يبتغون فضلاً من الله } من العلوم والفضائل الخلقية { ورضواناً } من الأحوال والمواهب السنية من أنوار تجليات الصفات { وينصرون الله ورسوله } ببذل النفوس لقوة اليقين { أولئك هم الصادقون } في الإيمان اليقيني لتصديق أعمالهم دعواهم ، إذ علامة وجدان اليقين ظهور أثره على الجوارح بحيث لا تمكن حركاتها إلا على مقتضى شاهدهم من العلم { والذين تبوؤوا الدار والإيمان } أي : المقرّ الأصلي الذي هو الفطرة الأولى والعهد الأول الذي هو محل الإيمان وموطنه ولهذا قرنه به ، فإن النفس موطن الغربة { من قبلهم } أي : من قبل هجرة المهاجرين من دار الغربة التي هي النفس إليها لأن هذه الدار هي الدار الأصلية المتقدمة على ديارهم ، ولهذا قال عليه السلام : " حبّ الوطن من الإيمان " فهم الذين لم يسقطوا عن الفطرة ولم يحتجبوا بحجاب النفس في النشأة وبقوا على صفائها بخلاف الأولين الذين تكدّروا وتغيروا ثم رجعوا إلى الصفاء بالسير والسلوك { يحبون من هاجر إليهم } لوجود الجنسية في الصفاء وتحقق المناسبة الأصلية والقرابة الحقيقية بالوفاء وتذكر العهد السابق بالموافقة في الدين والإخاء { ولا يجدون في صدورهم حاجة ممّا } أوتي المهاجرون من الحظوظ لسلامة قلوبهم عن آفات النفوس وطهارتها عن دواعي الحرص وتنزّهها عن محبة الحظوظ وتيقنها بالاقسام . { ويؤثرون على أنفسهم } لتجرّدهم وتوجههم إلى جناب القدس وترّفهم عن مواد الرجس وكون الفضيلة لهم أمراً ذاتياً باقتضاء الفطرة وفرط محبة الإخوان بالحقيقة والأعوان في الطريقة { ولو كان بهم خصاصة } فتقديمهم أصحابهم على أنفسهم لمكان الفتوّة وكمال المروءة ولقوة التوحيد والاحتراز عن حظ النفس وخوف الرجوع إلى المطالب الجزئية بعد وجدان الذوق من المطالب الكلية . { ومن يوق شح نفسه } بعصمة الله وكلاءته ، فإنّ النفس مأوى كل شرّ ووصف رديء ، وموطن كل رجس وخلق دنيء ، والشح من غرائزها المعجونة في طينتها لملازمتها الجهة السفلية ومحبتها الحظوظ الجزئية فلا ينتفي منها إلا عند انتفائها ولكن المعصوم من تلك الآفات والشرور من عصمه الله { فأولئك هم المفلحون } بالكمالات القلبية .