Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 34-38)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا } بالله ، سلاّه بالله بعدما عاتبه لئلا يبقى في التلوين ولا يتأسف بعد ذهابه عليه فيقع في القبض بل يطمئن قلبه ، ولهذا عقبه بقوله : { ولا مبدّل لكلمات الله } أي : صفات الله التي يتجلى بها لعباده ولا تتغير ولا تتبدّل بإنكار المنكرين ولا يمكنهم تبديلها . ونفى عنه القدرة وعجزه بقوله : { وإن كان كَبُرَ عليك إعراضهم فإن استطعت } إلى آخره ، لئلا تظهر نفسه بصفاتها { فلا تكوننّ من الجاهلين } الذين لا يطلعون على حكمة تفاوت الاستعدادات ، فتتأسف على احتجاب من احتجب . فإن المشيئة الإلهية اقتضت هداية بعض وحرمان بعض لحكمة ترتب النظام وظهور الكمالات الظاهرة والباطنة ، فلا يستجيب إلا من فتح الله سمع قلبه بالهداية الأصلية ووهب له الحياة الحقيقية بصفات الاستعداد ونور الفطرة ، لا موتى الجهل الذين ماتت غريزتهم بالجهل المركب أو بالحجب الجبلية ، أو لم يكن لهم استعداد بحسب الفطرة فإنهم لا يمكنهم السماع ، بل : { يبعثهم الله } بالإعادة في النشأة الثانية { ثم إليه يرجعون } في عين الجمع المطلق للجزاء أو المكافأة مع احتجابهم . وقد يمكن رفع الحجب في الآخرة للفريق الثاني دون الباقين { ولكنّ أكثرهم لا يعلمون } نزول الآيات ، فإن ظهور كل صفة من صفاته على كل مظهر من مظاهر الأكوان آية له يعرفه بها أهل العلم . { وما من دابة في الأرض } إلى آخره ، يمكن حمله على المسخ أي : أمم أمثالكم في الاحتجاب والاعتداء وارتكاب الرذائل كأصحاب السبت الذين مسخوا قردة وخنازير { ما فرّطنا } ما قصرنا في كتابهم الذي فيه صور أعمالهم وهو صحيفة النفس الفلكية أو صحيفة نيتهم التى ثبتت فيها صور أعمالهم { ثم إلى ربهم يُحْشَرون } للجزاء ، محجوبين في عين الجمع المطلق . والظاهر أن المراد أنهم أمم أمثالكم مربوبون بما احتاجوا إليه من معايشهم ، مكفيون مؤنتهم بتقدير من الله وحكمه . ما قصرنا في كتاب اللوح المحفوظ من شيء يصلحهم بل أثبتنا فيه أرزاقهم وآجالهم وأعمالهم وكل ما احتاجوا إليه ، { ثم إلى ربّهم يحشرون } لجزاء أعمالهم كما هو مروي في الحديث من حشر الوحوش ، وقصاص الأعمال بينهم ، وكل واحدة منها آية لكم تعرف بها أحوالكم وأرزاقكم وآجالكم وأعمالكم ، فاعتبروا بها ولا تصرفوا هممكم ومساعيكم في طلب الرزق وإصلاح الحياة الدنيا فتخسروا أنفسكم وتضرّوها وتشقوا بها في آخرتكم .