Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 3-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أشار إلى أن العرضية لا يجوز أن يختارها أهل التحقيق لأن السبب الموجب لها أمور فانية لا يبقى نفعها إلا في الدنيا والعاقل يجب أن يختار الأمور الباقية دون الفانية بقوله : { لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم } أي : لا نفع لمن اخترتم موالاة العدوّ الحقيقي لأجله لأن القيامة الصغرى مفرّقة بينكم تفريقاً أبدياً لعدم الاتصال الحقيقي الباقي بعد الموت بينكم ، وهذا معنى قوله : { يوم القيامة يفصل بينكم } أي : يفصل الله بينكم وبين أرحامكم وأولادكم ، كما قال : { يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهُ وَبَنِيهِ } [ عبس ، الآيات : 34 - 36 ] . ثم علّمهم طريق التوحيد بالتأسي بالموحد الحقيقي السابق إبراهيم النبي عليه السلام وأصحابه { لأستغفرنّ لك } أي : لأطلبن لك الغفران بمحو صفاتك وسيئات أعمالك بالنور الإلهي { وما أملك } إلا الطلب . وأما وجود ذلك فأمر متعلق بمشيئة الله وعنايته كما قال : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ القصص ، الآية : 56 ] . { ربّنا عليك توكلنا } بالخروج عن أفعالنا بشهود أفعالك { وإليك أنبنا } بمحو صفاتنا بمطالعة صفاتك { وإليك المصير } بفناء ذواتنا ووجوداتنا في ذاتك وهو التوحيد التام . { ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا } أي : إنّا لا نخافهم ولا نرى لهم تأثيراً ولا وجوداً ولكنا نعوذ بعفوك من عقابك حتى لا تعاقبنا بهم ولا تبلينا بأيديهم بسبب ما فرط منا من السيئات والظهور بالصفات { واغفر لنا } ذنوب تفريطاتنا بالعفو لا بالعقوبة { إنك أنت العزيز } القويّ على عقابنا بهم وعلى دفعهم عنا وقمعهم وقهرهم { الحكيم } لا يفعل أحد الأمرين ولا يختاره إلا بمقتضى الحكمة ثم كرر وجوب التأسي بإبراهيم وأصحابه وأثبته لمن كان في بداية التوحيد في مقام الرجاء وتوقع الكمال .