Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 69, Ayat: 1-8)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الحاقة } هي الساعة الواجبة الوقوع التي لا ريب فيها إن أريد بها القيامة الصغرى او التي تحقُّ فيها الأمور ، أي : تعرف ، وتحقق إن أريد بها الكبرى . والمعنى : أنّ الساعة ما هي وما أعلمك أي شيء هي ، أي : لا يعرف شدّتها وهولها وما يظهر فيها من الأحوال على المعنى الأول ، أو لا يعرف حقيقتها وارتفاع شأنها وإنارة برهانها وما يبدو فيها أحد إلا الله . وكلتا القيامتين تقرع الناس وتهلكهم وتفنيهم وتستأصلهم بالشدة والقهر ، وأما تكذيبهم بالأولى فلإقبالهم من الدنيا وترك العمل لها وغفلتهم وغرورهم بالحياة الحسية . وأما بالثانية فلعدم وقوفهم عليها وإنكارهم لها واحجابهم عنها ، وقد يطابق مثل المكذبين بمثل المفرطين أي : المقصرين والغالين بأن يقال : { فأمّا ثمود } وهم أهل الماء القليل أي : أهل العلم الظاهر المحجوبون عن العلوم الحقيقية { فأهلكوا بالطاغية } أي : الحالة الكاشفة عن الباطن وعالم التجرد التي تطغى على علومهم فتفنيها وهي خراب البدن . { وأمّا عاد } الغالون المجاوزون حدّ الشرائع بالتزندق والإباحة في التوحيد { فأهلكوا بريح } هوى النفس البادرة بجمود الطبيعة وعدم حرارة الشوق والعشق العاتية أي : الشديدة الغالبة عليه الذاهبة بهم في أودية الهلاك . { سخّرها } الله { عليهم } في مراتب الغيوب السبعة التي هي لياليهم لاحتجابهم عنها . والصفات الثمانية الظاهرة لهم كالأيام وهي الوجود والحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والتكلم ، أي : على ما ظهر منهم وما بطن تقطعهم وتستأصلهم { فترى القوم فيها صرعى } موتى لا حياة حقيقية لهم لأنهم قائمون بالنفس لا بالله كما قال : { كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ } [ المنافقون ، الآية : 4 ] ، { كأنهم أعجاز نخل } أي : أقوياء بحسب الصورة لا معنى فيهم ولا حياة ، ساقطون عن درجة الاعتبار والوجود الحقيقي إذ لا يقومون بالله { فهل ترى لهم من باقية } أي : بقاء أو نفس باقية لأنهم فانون من أسرهم .