Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 26-33)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ واذكروا إذ أنتم قليل } القدر ، لجهلكم وانقطاعكم عن نور العلم { مُسْتَضعفون في } أرض النفس { تخافون أن يتخطفَكُم الناس } أي : ناس القوى الحسيّة لضعف نفوسكم { فآواكم } إلى مدينة العلم { وأيدكم بنصره } في مقام توحيد الأفعال { ورزقكم من } طيبات علوم تجليات الصفات { لعلكم تشكرون } نعمة العلوم والتجليات بالسلوك فيه . { لا تخُونُوا الله } بنقض ميثاق التوحيد الفطري السابق { و } تخونوا { الرسول } بنقض العزيمة ونبذ العقد اللاحق { وتخونوا أماناتكم } من المعارف والحقائق التي استودع الله فيكم بحسب الاستعداد الأول في الأزل بإخفائها بصفات النفس { وأنتم تعلمون } أنكم حاملوها ، أو تعلمون أنّ الخيانة من أسوأ الرذائل وأقبحها . { واعْلَموا أنما أمْوَالكم وأولادكم فِتْنَة } أي : حجاب لكم لاشتغالكم بها عن الله ، أو شرك لمحبتكم إياها كحبّ الله { وأنّ الله عنده أجرٌ عظيمٌ } فاطلبوه بالتجرّد عنها ومراعاة حق الله فيها . { إن تتقوا الله } بالاجتناب عن نقض العهد وفسخ العزيمة وإخفاء الأمانة ومحبة الأموال والأولاد حتى تفنوا فيه { يجعل لكم فرقاناً } نوراً يفرق به بين الحق والباطل من طور العقل الفرقاني { ويكفر عنكم سيئاتكم } أي : سيئات نفوسكم { ويغفر لكم ذنوبكم } أي : ذنوب ذواتكم { والله ذو الفضل العظيم } بإعطاء الوجود الموهوب الحقاني والعقل الفرقاني . { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم } لأن العذاب صورة الغضب وأثره فلا يكون إلا من غضب النبي أو من غضب الله المسبب من ذنوب الأمة ، والنبي عليه السلام كان صورة الرحمة لقوله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 107 ] ولهذا إذ كسروا رباعيته قال صلى الله عليه وسلم : " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " ، ولم يغضب كما غضب نوح عليه السلام ، وقال : { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [ نوح ، الآية : 26 ] فوجوده فيهم مانع من نزول العذاب ، وكذا وجود الاستغفار . فإنّ السبب الأولي للعذاب لما كان وجود الذنب ، والاستغفار مانع من تراكم الذنب وثباته بل يوجب زواله فلا يتسبب لغضب الله ، فما دام الاستغفار فيهم فهم لا يعذبون .