Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 34-40)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وما لهم ألا يعذبهم الله } أي : ليس عدم نزول العذاب لعدم استحقاقهم لذلك بحسب أنفسهم ، بل إنهم مستحقون بذواتهم لصدورهم وصدّهم المستعدين عن مقام القلب وعدم بقاء الخيرية فيهم ولكن يمنعه وجودك ووجود المؤمنين المستغفرين معك فيهم . واعلم أن الوجود الإمكاني يتبع الخير الغالب ، لأن الوجود الواجبي هو الخير المحض ، فما رجح خيره على شره فهو موجود بوجوده بالمناسبة الخيرية ، وإذا غلب الشرّ لم تبق المناسبة فلزم استئصاله وإعدامه فهم ما داموا على الصورة الاجتماعية كان الخير فيهم غالباً فلم يستحقوا الدمار بالعذاب . وأما إذا تفرّقوا ما بقي شرّهم إلا خالصاً فوجب تدميرهم كما وقع في وقعة بدر . ومن هذا يظهر تحقيق المعنى الثاني في قوله تعالى : { وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } [ الأنفال ، الآية : 25 ] لغلبة الشرّ على المجموع حينئذ ، ولهذا قال أمير المؤمنين عليه السلام : " كان في الأرض أمانان ، فرُفِعَ أحدهما وبقي الآخر . فأما الذي رُفِعَ فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأما الذي بقي فالاستغفار " وقرأ هذه الآية . { يصدّون عن المسجد الحرام } صورة لصدودهم وإعراضهم عن معناه الذي هو القلب بالركون إلى النفس وصفاتها ، وصدّهم المستعدّين عنه بإغرائهم على الأمور النفسانية واللذّات الطبيعية . { وما كانوا أولياءه } لبعدهم عن الصفة وغلبة ظلمة النفس واستيلاء صفاتها عليهم ، واحتجابهم عنه بالكفر المستفاد من الدين { إن أولياؤه إلاّ المتقون } الذين اتّقوا صفات النفس وأفعالها { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أنّ البيت صورة القلب الذي هو بيت الله بالحقيقة فلا يستحق ولايته إلا أهل التقوى من الموحدين دون المشركين .