Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 12-26)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وما يكذب به إلا كل معتد } مجاوز طور الفطرة الإنسانية بتجاوزه حدّ العدالة إلى الإفراط والتفريط في أفعاله { أثيم } محتجب بذنوب هيئات صفاته . { كلا } ردع عن هاتين الرذيلتين { بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } أي : صار صدأ عليها بالرسوخ فيها وكدر جوهرها وغيرها عن طباعها ، والرين حد من تراكم الذنب على الذنب ورسوخه تحقق عنده الحجاب وانغلق باب المغفرة ، نعوذ بالله منه ولذلك قال : { كلا } أي : ارتدعوا عن الرين { إنهم عن ربّهم يومئذ لمحجوبون } لامتناع قبول قلوبهم للنور وامتناع عودها إلى الصفاء الأول الفطري كالماء الكبريتي مثلاً ، إذ لو روّق أو صعد لما رجع إلى الطبيعة المائية المبردة لاستحالة جوهرها بخلاف الماء المسخن الذي استحالت كيفيته دون طبيعته ، ولهذا استحقوا الخلود في العذاب وحكم عليهم بقوله : { ثم إنهم لصالوا الجحيم } . { إن كتاب الأبرار لفي عليين } أي : ما كتب من صور أعمال السعداء وهيئات نفوسهم النورانية وملكاتهم الفاضلة في عليين وهو مقابل للسجين في علوه وارتفاع درجته وكونه ديوان أعمال أهل الخير كما قال : { كتاب مرقوم } أي : محل شريف رقم بصور أعمالهم من جرم سماوي أو عنصري إنساني { يشهده المقرّبون } أي : يحضر ذلك المحل أهل الله الخاصة من أهل التوحيد الذاتي . { إنّ الأبرار } السعداء الأتقياء عن دون صفات النفوس { لفي نعيم } من جنان الصفات والأفعال { على الأرائك } التي هي مقاماتهم من الأسماء الإلهية في حجال عالم القدس الخفي عن أعين الإنس { ينظرون } إلى جميع مراتب الوجود ويشاهدون أهل الجنة والنار وما هم فيه من النعيم والعذاب لا تحجب حجالهم عنه شيئاً وتحجب أغيارهم عنهم { تعرف في وجوههم نضرة النعيم } بهجته ونوريته وآثار سروره { يسقون من رحيق } خمر صرف من المحبة الروحانية الغير الممزوجة بحب النفس للجواهر الجسمانية { مختوم } بختم الشرع لئلا تمتزج به النجاسات الشيطانية من المحبات الوهمية المحرمة والشهوات النفسانية المهيئة . { ختامه مسك } هو حكم الشرع بالمباحات المطيبة للنفوس المقوية للقلوب . { وفي ذلك } أي : في شرب رحيق المحبة الروحانية الصرفة المقيدة بقيد الشريعة ولذتها الصافية { فليتنافس المتنافسون } فإنه أعزّ من الكبريت الأحمر .