Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 28-30)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : مكانكم : مفعول ، أي : الزموا مكانكم ، وأنتم تأكيد للضمير المنتقل إليه ، وشركاؤكم عطف عليه . يقول الحق جل جلاله : { و } اذكر { يوم نحشرهم جميعاً } يعني فريق الحسنى ، وفريق النار ، { ثم نقول للذين أشركوا } الزموا { مكانَكم } من الخزي والهوان ، حتى تنظروا ما يُفعل بكم ، { أنتم شركاؤُكم } معكم ، تمثيل حينئذ معهم ، { فزَيَّلنا } : فرَّقنا { بينهم } وقطعنا الوُصل التي كانت بينهم ، { وقال شركاؤهم } ، ينطقها الله تعالى تكذيباً لهم فتقول : { ما كنتم إيانا تعبدون } ، وإنما عبدتم في الحقيقة أهواؤكم لأنها الأمارة لكم بالإشراك . وقيل : المراد بالشركاء : الملائكة والمسيح . { فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم } ، فإنه العالم بحقيقة الحال ، { إن كنا } أي : إنه الأمر والشأن كنا { عن عبادتكم لغافلين } ، لم نأمركم بها ولم نرضها . قال ابن عطية : وظاهرة هذه الآية أن محاورتهم إنما هي مع الأصنام دون الملائكة وعيسى ، بدليل القول لهم : { مكانكم أنتم وشركاؤكم } . ودون فرعون ، ومن عُبد من الجن ، بدليل قوله : { إن كنا عن عبادتكم لغافلين } ، وهؤلاء لم يغفلوا قط عن عبادة من عبدهم . هـ . { هنالك تَبْلُو } : في ذلك المقام تبلو { كلُّ نفس ما أسلفتْ } أي : تختبر ما قدمت من الأعمال خيراً أو شراً فتعاين نفعه وضرره ، وقرأ الأخوان : " تتلوا " من التلاوة ، أي : تقرأه في صحائف أعمالها ، أو من التلوِ ، أي : تتبع عملها فتقودها إلى الجنة أو النار . والمعنى : تفعل بها فعل المختبر لحالها المعرّف لسعادتها وشقاوتها ، فتعرف ما أسلفت من أعمالها ، { ورُدُّوا إلى النار } : إلى جزائه إياها بما أسلفوا ، { مولاهُمُ الحقّ } أي : متولِّي أمورهم على الحقيقة ، لا ما اتخذوه مَولى بافترائهم ، { وضلَّ } أي : ضاع وغاب { عنهم ما كانوا يفترون } من أن آلهتهم تشفع لهم ، أو كانوا يدّعون أنها آلهة . الإشارة : من أحب شيئاً كان عبداً له ، ومن عبد شيئاً حُشر معه . رُوي : أن الدنيا تبعث على صورة عجوز شمطاء زرقاء ، تنادي : أين أولادي وأحبابي ؟ ثم تذهب إلى جهنم فيذهبون معها . فمن عبد دنياه وهواه وقف موقف الهوان ، ومن أحب مولاه ولم يحب معه شيئاً سواه ، وقف موقف العز والتقريب في مواطن الإحسان . فهناك تفضح السرائر ، وتكشف الضمائر ، وتظهر مقامات الرجال ، ويفتضح من أسر النقص وادعى الكمال فيرتفع المقربون إلى شهود مولاهم الحق ، ويبقى المدعون مع حظوظهم في حجاب الحس والخلق . والله تعالى أعلم . ثم عرّفهم من يستحق العبادة ، فقال : { قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } .