Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 27-27)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : والذين : مبتدأ على حذف مضاف ، أي : جزاء الذين كسبوا ، وجزاء : خبر ، أو على تقدير " لهم " أو معطوف على للذين أحسنوا على مذهب من يُجوز : في الدار زيد والحجرةِ عمرو . أو جزاء : مبتدأ ، وبمثلها : خبر ، والجملة حينئذٍ كبرى . ومن قرأ قِطعَاً بفتح الطاء فجمع قطيع ، وهو مفعول ثان ، ومظلماً : حال من الليل ، ومن قرأ قِطعَاً بالسكون فمصدر ، ومظلماً نعت له ، أو حال منه أو من الليل . يقول الحق جل جلاله : { والذين كسَبوا السيئات } كالكفر والشرك ، وما يتبعهما من المعاصي ، جزاؤهم { سيئة بمثلها } لا يزاد عليها ، فلا تضاعف سيئاتهم ، عدلاً منه سبحانه ، { وترهقُهم ذِلةٌ } أي : هوان عند حشرهم للنار ، { ما لهم من الله من عاصم } يعصمهم من عذاب الله وغضبه ، { كأنما أُغشيَت وجوهُهُم قِطعَاً من الليل مظلماً } ، أي : يحشرون مسودة وجوههم ، كأنما أُكْسِيَتْ وجوههم قطْعاً كثيرة من الليل المظلم ، أو قطْعاً مظلماً من الليل { أولئك أصحابُ النار هم فيها خالدون } . قال البيضاوي : هذا مما يحتج به الوعيدية يعني المعتزلة في تخليد العصاة . والجواب : أن الآية في الكفار لاشتمال السيئات على الكفر والشرك ، ولأن الذين أحسنوا يتناول الكثير من أهل القبلة ، فلا يتناوله قسيمُه . هـ . الإشارة : جزاء المعاصي البُعد والهوان ، وتسْويد وجوه القلوب والأبدان ، كما أن جزاء الطاعة التقريب والإبرار ، وتنوير وجوه القلوب والأسرار والإحسان ، وفي ذلك يقول ابن النحوي في منفرجته : @ وَمَعَاصِي اللَّهِ سَماجَتُها تَزَدَانُ لِذي الخُلْقِ السَّمِج وَلِطَاعَتِه وَصَبَاحَتِهَا أنْوارُ صَبَاحٍ مُنْبَلِجِ @@ قيل لبعض الصالحين : ما بال المجتهدين من أحسن الناس خلَقاً ؟ قال : لأنهم خلَوْا بالرحمن فألبسهم نوراً من نوره . هـ . نعم ، إن صحب المعصية توبةٌ وانكسارٌ ، وصحب الطاعة عز واستكبارُ ، انقلبت حقيقتهما ، فقد تُقرب المعصية وتبعد الطاعة . وفي الحكم : " معصية أورثت ذلاً وافتقاراً خير من طاعة أورثت عزاً واستكباراً ، وقال أيضاً : " وربما قضى عليك بالذنب فكان سبب الوصول " . ثم ذكر موطن وعد المحسنين ووعيد المسيئين ، فقال : { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ } .