Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 34-35)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : من قرأ يَهَدّي بفتح الهاء ، فأصله : يهتدي ، نُقِلت حركة التاء إلى الهاء ، وأدغمت في الدال . ومن قرأ بكسر الهاء فعلى التقاء الساكنين ، حين سكنت التاء لتدغم . ومن كسر الياء فعلى الاتباع ، ومن قرأ بالاختلاس فإشارة إلى عروض الحركة ، ومن قرأ : " يهدي " بالسكون ، فمعناه يهدي غيره . يقول الحق جل جلاله : { قل } لهم : { هل من شركائكم من يبدأُ الخلقَ } بإظهاره للوجود { ثم يُعيده } بالبعْث . فإن قلت كيف يحتج عليهم بالإعادة ، وهم لا يعترفون بها ؟ فالجواب : أنها لظهور برهانها وتواتر أخبارها كأنها معلومة عندهم ، فلو أنصفوا ونظروا لأقروا بها ، ولذلك أمر الرسول بأن ينوب عليهم في الجواب ، فقال : { قل اللهُ يبدأُ الخلق ثم يُعيده } : لأن لجاجهم وجحودهم لا يتركهم يعترفون بها ، ولذلك قال لهم : { فأنى تُؤفكون } : تُصرفون عن سواء السبيل ، و { قل } لهم أيضاً : { هل من شركائكم من يهدي إلى الحق } بنصب الدلائل ، وإرسال الرسل ، والتوفيق للنظر والتدبر ؟ { قل اللهُ يهدي للحق } . قال البيضاوي : وهدى كما يعدى بإلى لتضمنه معنى الانتهاء ، يعدى باللام للدلالة على منتهى غاية الهداية . انظر تمامه . { أفمن يَهدي إلى الحق } وهو الحق { أحقُّ أن يُتبع أمَّن لا يهدي } إلى شيء ، فأولى ألا يهدي غيره { إِلا أن يُهدى } ؟ أي : إلا أن يهديه غيره ، وهي معبوداتهم ، كالملائكة والمسيح وعزير ، فلا يستطيعون أن يهدوا أنفسهم إلا أن يهديهم الله . وحمل ابن عطية الآية على الأصنام ، وقال : معنى قوله : { أمن لا يهدي إلا أن يهدى } هي عبارة عن أنها لا تنتقِل إلا أن تنقلَ . قال : ويحتمل أن يكون ما ذكره الله من تسبيح الجمادات هو اهتداؤه . ويحتمل أن يكون الاستثناء في اهتدائها إشارة إلى مناكرة الكفار يوم القيامة حسبما مضى في هذه السورة . هـ . { فما لكم كيف تحكمون } أي : أيُّ شيء حصل لعقولكم ، فكيف تحكمون بشيء يقتضي العقل بطلانه بأدنى تفكر ؟ . اِلإشارة : في الآية تحريض على رفع عن السِّوى ، إلى من بيده البدء والإعادة ، والإرشاد والهداية ، إلا من جعل على يديه الإرشاد والهداية ، وهم الأنبياء والأولياء والعلماء الأتقياء ، فالخضوع إليهم خضوع إلى الله على الحقيقة ، واتباعهم اتباع لله على الحقيقة ، وكل من تبع غيرهم فإنما يتبع الظن والهوى دون الحق ، كما أبان ذلك بقوله تعالى : { وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً } .