Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 57-58)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : بفضل الله يتعلق بمحذوف ، يفسره ما بعده ، أي : ليفرحوا بفضل الله ، أو بقوله : " فليفرحوا " . وكرر قوله : فبذلك تأكيداً والفاء بمعنى الشرط ، كأنه قال : إن فرحوا بشيء فبهما فليفرحوا . يقول الحق جل جلاله : { يا أيها الناسُ قد جاءتكم موعظة من ربكم } يعنى القرآن العظيم ، { وشفاء لما في الصدور } من الشك والجهل ، { وهُدىً ورحمةٌ للمؤمنين } هداية في بواطنهم بأنوار التحقيق ، ورحمة في ظواهرهم بآداب التشريع . قال البيضاوي : قد جاءكم كتاب جامع للحكمة العملية ، الكاشف عن محاسن الأعمال وقبائحها ، والراغبة في المحاسن ، والزاجرة عن القبائح ، والحكمة النظرية التي هي شفاء لما في الصدور من الشكوك وسوء الاعتقاد ، وهدى إلى الحق واليقين ، ورحمة للمؤمنين حيث أنزلت عليهم فنجوا من ظلمات الضلال بنور الإيمان ، وتبدلت مقاعدهم من طبقات النيران بمصاعد من درجات الجنان . والتنكير فيها للتعظيم . هـ . { قل بفضل الله وبرحمته } أي : بمطلق الفضل والرحمة ، { فبذلك فليفْرَحُوا } لا بغيره ، أو الفضل : الإسلام ، والرحمة : القرآن . وقرأ يعقوب بتاء الخطاب ، ورُوي مرفوعاً ، ويؤيده قراءة من قرأ : " فافرحوا " ، { هو خيرٌ مما يجمعون } من حطام الدنيا ، فإنها إلى الزوال ، وقرأ ابن عامر : " تجمعون " بالخطاب ، على معنى : فبذلك فليفرح المؤمنون ، فهو خير مما تجمعون أيها المخاطبون . الإشارة : قد جعل الله في خواصِّ أوليائه موعظة للناس بما يسمعون منهم من التذكير والإرشاد وشفاء لما في الصدور ، لما يسري منهم إلى القلوب من الإمداد ، وما يكتسبه مَنْ صحبهم من أنوار التحقيق ، وهدى إلى صريح العرفان وإشراق أنوار الإحسان ، ورحمة بسكون القلوب والطمأنينة بذكر علام الغيوب ، قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا ، ففضل الله : أنوار الإسلام والإيمان ، ورحمته : أنوار الإحسان ، أو فضل الله : أحكام الشريعة ، ورحمته : الطريقة والحقيقة ، أو فضل الله : حلاوة المعاملة ، ورحمته : حلاوة المشاهدة ، أو فضل الله : استقامة الظواهر ، ورحمته : استقامة البواطن ، أو فضل الله : محبته ، ورحمته : معرفته . إلى غير ذلك مما لا ينحصر ، ولم يقل : فبذلك فلتفرح يا محمد لأن فرحه صلى الله عليه وسلم بالله ، لا بشيءٍ دونه . ولمَّا كانت موعظة القرآن العظيم مشتملة على التحليل والتحريم ، رد الله تعالى على من افترى خلافه ، فقال : { قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ } .