Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 75-78)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { ثم بعثنا } ، من بعد هؤلاء الرسل { موسى وهارون إلى فرعون ومَلَئه بأياتنا } التسع ، { فاستكبروا } عن اتباعها ، { وكانوا قوماً مجرمين } معتادين الإجرام ، فلذلك تهاونوا برسالة ربهم ، واجترؤوا على ردها ، { فلما جاءهم الحقُّ من عندنا } وعرفوه ، وهو بعثه موسى عليه السلام لتظاهر المعجزات على يديه ، القاهرة المزيحة للشك ، { قالوا } من فرط تمردهم : { إنَّ هذا } الذي جئت به { لسحرٌ مبين } : ظاهر . { قال } لهم { موسى للحقَّ لمَّا جاءكم } إنه سحر ، فكيف يقدر السحرة على مثله ؟ { أسحرٌ هذا } : أيتوهم أحد أن يكون هذا سحراً ؟ { ولا يُفلح الساحرون } أي : لو كان سحراً لاضْمَحَلَّ ، ولم يُبطل سحرَ السحرة ، والعالم بأن الساحر لا يُفلح لا يستعمل السحر ، فهذا كله من كلام موسى عليه السلام ، أو من تمام قولهم إن جعل قوله : " أسحرٌ هذا " محكياً لقولهم ، كأنهم قالوا : أجئتنا بالسحر لتطلب به الفلاح ولا يفلح الساحرون ، والأول أرجح . { قالوا أجئتنا لِتَلْفتنا } لتصرفنا { عما وجدنا عليه آباءنَا } من عبادة الأصنام ، { وتكون لكما الكبرياءُ في الأرض } : الملك فيها ، سمي كبرياء لاتَّصاف الملوك بالتكبر ، { وما نحن لكما بمؤمنين } : بمصدّقين . الإشارة : السحر على قسمين : سحر يسحر القلوب إلى حضرة الرحمن ، وسحر يسحرها إلى حضرة الشيطان ، فالسحر الذي يسحر إلى حضرة الرَّحمن : هو ما جاءت به الأنبياء والرسل ، وقامت به الأولياء بعدهم من الأمور التي تقرب إلى حضرة ، إما ما يتعلق بالظواهر ، كتبيين الشرائع ، وإمّا ما يتعلق بالبواطن ، كتبيين الطرائق والأمور التي تُشرق بها أسرارُ الحقائق ، وأما السحر الذي يسحر إلى حضرة الشيطان : فكل ما يشغل عن ذكر الرَّحمن ، ولذلك قال عليه السلام : " اتَّقُوا الدُّنيا فإنَّها أَسْحَرُ مَنْ هَارُوت ومَارُوت " .