Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 79-82)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : ما جئتم به موصوله على من قرأ : " السحر " بلا استفهام ، ومن قرأ بالاستفهام فـ " ما " مبتدأ وجئتم خبرها ، والسحر : بدل منه ، أو خبر لمحذوف ، أي : أهو السحر ؟ أو مبتدأ حذف خبره ، أي : السحر هو . يقول الحق جل جلاله : { وقال فرعونُ } لما أراد معارضة موسى عليه السلام : { ائتوني بكلِّ ساحرٍ } ، في قراءة الأخوين " سحَّار " { عليم } : حاذق في فنه ، { فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون } ، { فلما ألقَوا } حبالهم وعصيهم ، فانقلبت حَيَّات في أعين الناس ، يركب بعضها بعضاً ، { قال } لهم { موسى ما جئتم به السحر } أي : الذي جئتم به هو السحر ، لا ما سماه فرعون وقومه سحراً من معجزات العصا . وقرأ البصري : " آلسحر " أي : أيّ شيء جئتم به السحر هو ؟ { إن الله سيُبْطلُه } : سيمحقه ، أو سيظهر بطلانه ، { إن الله لا يُصلح عملَ المفسدين } لا يثيبه ولا يديمُه ، وفيه دليل على أن السحر تمويه لا حقيقة له ، { ويُحقُّ الله الحقَّ بكلماته } السابقة الأزلية ، أو بأوامره وقضاياه ، { ولو كره المجرمون } ذلك . الإشارة : الأكوان كلها عند اهل التحقيق شعوذة سحرية ، خيالية كخيال السحر الذي يظهره المشعوذ ، تظهر ثم تبطن ، وليس في الوجود حقيقة إلا الواحد الأحد الفرد الصمد ، فهي ثابتة بإثباته ، ممحوة بأحدية ذاته ، وهي أيضاً أشبه شيء بالظلال ، والظلال لا وجود لها من ذاتها ، وإنما تابعة لشواخصها ، ولذلك قالوا : ظلال الأشجار لا تعوق السفن عن التِّسْيار ، فظلال الأكوان وأجرامها لا تعوق سفن الأفكار عن التسيار في بحار معاني الأسرار ، بل تغيب عن ظلال حسها إلى فضاء شهود معانيها ، فالعارف لا يحجبه عن الله شيء لنفوذه إلى شهود أسرار الربوبية في كل شيء ، والله تعالى أعلم . ثم ذكر من تبع موسى ، فقال : { فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } .