Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 84-86)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { وقال موسى } لقومه ، لمّا رأى خوفهم من فرعون : { يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا } أي : ثِقُوا به واعتمِدُوا عليه ، ولا تُبالوا بغيره ، { إن كنتم مسلمين } مستسلمين لقضاء الله أو منقادين لأحكامه ، قائمتين بطاعته ، بعد تحصيل الإيمان به ، وقال لهم ذلك مع علمه بإيمانهم وإسلامهم إنهاضاً لهم وتحريضاً على الصبر ، كما تقول : إن كنت رجلاً فافعل كذا . { فقالوا على الله توكلنا } لأنّا مؤمنون مخلصون ، { ربنا لا تجعلنا فتنةً } أي : موضع فتنة { للقوم الظالمين } أي : لا تسلطهم علينا فيفتنونا ، { ونجنا برحمتك من القوم الكافرين } أي : من كيدهم ، أو شؤم مشاهدتهم . وفي تقديم التوكل على الدعاء تنبيه على أن الداعي ينبغي أن يتوكل أولاً لتُجاب دعوته لأنه يتسبب في نجاح أمره ، ثم يدعو . والله تعالى أعلم . الإشارة : التوكل هو ثمرة الإيمان ونتيجته ، فكلما قوي الإيمان واشتدت أركانه قوي التوكل وظهرت أسراره . وكلما ضعف الإيمان ضعف التوكل ، فالتَّوَغل في الأسباب نتيجة ضعف الإيمان ، والتقلل منها نتيجة صحة التوكل والإيقان ، والتوكل : أن تكون بما في يد الله أوثق مما في يدك . قال تعالى : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } [ النحل : 96 ] والتوكل قد يوجد مع الأسباب ، ومع التجريد أنفع ، وقد تقدم الكلام عليه في آل عمران . وبالله التوفيق . ثم أمر بني إسرائيل باتخاذ المساجد ، وجعلها في البيوت خوفاً من فرعون ، فقال : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا } .