Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 87-87)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { وأوحينا إلى موسى وأخيه ان تبَوءا } أي : اتخذا { لقومكما بمصر بيوتاً } للصلاة والعبادة ، قيل : أراد الإسكندرية ، وهي من مصر ، { واجعلوا } أنتما وقومكما { بُيوتَكم } التي تسكنون فيها { قبلةً } : مصلّى ومساجد . ورُوي أن فرعون أخافهم ، وهدم مواضع كانوا اتخذوها للصلاة ، فأمروا بإخفائها وجعلها في بيوتهم ، وتكون متوجهة نحو القبلة يعني مكة وكان موسى يصلي إليها . فإن قلت : لِمَ خُصَّ موسى وهارون بالخطاب في قوله : { أن تَبوءا } ثم خُوطب بها بنو إسرائيل في قوله : { واجعلوا بيوتكم } ؟ فالجواب : أن التبوء واتخاذ المساجد مما يتعاطاه رؤوس القوم للتشاور ، بخلاف جعل البيوت قبلة فمما ينبغي أن يفعله كل أحد . { وأقيموا الصلاة } في تلك البيوت ، أُمروا بذلك أول مرة لئلا تظهر عليهم الكفرة ويفتنونهم عن دينهم ، { وبشَّر المؤمنين } بالنصر والعز في الدنيا ، وبالجنة في العقبى . الإشارة : اتخاذ الأماكن للعبادة والعزلة مطلوب عند القوم ، وفي الحِكَم : " ما نفع القلبَ شيءٌ مثلُ عزلةٍ يدخل بها ميدان فكرة " ، وأصلهم في ذلك : اعتزاله صلى الله عليه وسلم في غار حراء في مبدأ الوحي ، فالخلوة للمريد لا بد منها في ابتداء أمره ، فإذا قوي نوره ، ودخل مقام الفناء صلح له حينئذٍ الخلطة مع الناس ، بحيث يكون جسده مع الخلق وقلبه مع الحق ، فإن لله رجالاً أشباحُهم مع الخلق تسعى ، وأرواحهم في الملكوت ترعى . وقال بعضهم : الجَسدُ في الحانوت والقلب في الملكوت ، فإذا رجع إلى البقاء لم يختَرْ حالاً على حال لأنه مع الله على كل حال ، وهذا من أقوياء الرجال . نفعنا الله بهم . ثم ذكر دعاء موسى على فرعون ، فقال : { وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً } .