Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 29-30)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : ، حاكياً عن نوح عليه السلام : { ويا قوم لا أسألكم عليه } على التبليغ المفهوم من السياق ، { مالاً } : جُعلاً انتفع به ، { وإن أجري إلا على الله } فإنه المأمول منه . ثم طلبوا منه طرد الضعفاء ليجالسوه ، فقال لهم : { وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقو ربهم } فيخاصموني إن طردتهم ، أو : إنهم ملاقوه فيفوزون بقربه ، فكيف أطردهم ؟ { ولكني أراكم قوماً تجهلون } لقاء ربكم ، أو بأقدارهم ، أو تسفهون عليهم فتدعُوهم أرذال ، أو قوماً جُهالاً استحكم فيكم الجهل وشختم فيه ، فلا ينفع فيكم الوعظ والتذكير . { ويا قوم من ينصرني من الله } : من يدفع انتقامه عني { إن طردتهم } وهم بتلك الصفة الكاملة من الإيمان والخوف منه ؟ { أفلا تذكرون } فتعلموا أن التماس طردهم ، وتوقيف الإيمان عليه ليس بصواب . الإشارة : قال القشيري : قوله تعالى : { لا أسألكم عليه مالاً } ، فيه تنبيه للعلماء الذين هم ورثة الأنبياء أن يتأدبوا بأنبيائهم ، وألا يطلبوا من الناس شيئاً في بث علومهم ، ولا يرتفقوا منهم بتعليمهم ، والتذكير لهم ، وما ارتفق من المستمعين في بث فائدة يذكر بها من الدين ، ويعظ بها المسلمين فلا يبارك الله فيما يُسمعون به عن الله ، ولا ينتفعون به ، ويحصلون به على سخط من الله . هـ . قلت : هذا إن كان له تشوف وتطلع بذلك ، بحيث لو لم يعط لم يُعلم ، أو لم يُذكر . وأما إن كان يعلم ويذكر لله ، ثم يتصدق عليه لله ، فلا بأس به إن شاء الله . وما زالت الأشياخ والأولياء يقبضون زيارات الفقراء ، وكل من يأتيهم ويذكرونهم ويعرفونهم بالله ، لأن ذلك ربح للمعطي وتقريب له ، وما ربح الناس إلا من فلسهم ونفسهم بذلوها لله ، فأغناهم الله . وقد تقدم عند قوله : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً … } [ التوبة : 103 ] بعض الكلام على هذا المعنى ، والله تعالى أعلم . ولما قالوا له : لو كنت نبي الله ، لأغناك الله عن التكسب ، ولأعلمك بما يفعل أتباعك فإنهم ما اتبعوك إلا في الظاهر دون الباطل ، قال لهم : { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ } .