Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 31-31)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : قال نوح لقومه : { ولا أقول لكم عندي خزائنُ الله } حتى أنفق منها متى شئت ، فأستغني عن مباشرة الأسباب ، بل ما أنا إلا بشر ، أو لا أدعي ما ليس لي فتنكروا قولي ، أي : لا أفوه لكم ، ولا أتعاطى غير ما ألهمني الله له ، فلست أقول : عندي خزائن الله ، أي : القوة التي توجد بها الأشياء بعد عدمها . أو : عندي خزائن الله التي يتنزل منها الأشياء ، كالريح والمياه ونحوها ، كما قال تعالى { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ } [ الحجر : 21 ] فتبرأ عليه السلام من هذه الدعوى . ثم قال : { ولا أعلمُ الغيبَ } أي : ولا أقول : إني أعلم الغيب ، فأعلم من أصحابي ما يسترونه عني في نفوسهم ، فسبيلي قبول ما ظهر منهم . أو : لا أعلم أنهم اتبعوني في بادي الرأي عن غير بصيرة وعقد قلب { ولا أقولُ إني ملكٌ } حتى تقولوا : ما نراك إلا بشراً مثلنا . { ولا اقول للذين تزدري أعينُكم } أي : تحتقرهم . من زريت على الرجل : قصرت به . قلبت تاؤه دالاً لتجانس الزاي للتاء ، والمراد بهم ضعفاء المؤمنين ، أي : لا أقول في شأن من احتقرتموهم ، لفقرهم : { لن يُؤتهم الله خيراً } فإنَّ ما أعد الله لهم في الآخرة خير مما آتاكم في الدنيا . { والله اعلم بما في أنفسكم } من خير أو غيره ، { إني إِذاً } أي : إن قلتُ شيئاً من ذلك ، { لَمِنَ لظالمين } . قال البيضاوي : وإسناده إلى الأعين للمبالغة ، والتنبيه على أنهم استرذلوهم بادي الرأي من غير روية ، مما عاينوه من رثاثة حالهم ، وقلة منالهم ، دون تأمل في معانيهم وكمالاتهم . وقال أيضاً : وإنما استرذلوهم لفقرهم لأنهم لمَّا لم يعلموا إلا ظاهراً من الحياة الدنيا كان الأحظ بها أشرف عندهم ، والمحروم منها أرذل . هـ . الإشارة : لا يشترط في وجود الخصوصية ظهور الكرامة فقد تظهر الكرامة على من لم تكمل له الاستقامة ، فلا يشترط فيه الاطلاع على خزائن الغيوب ، وإنما يشترط فيه التطهير من نقائص العيوب ، لا يشترط فيه الإنفاق من الغيب ، وإنما يشترط فيه الثقة بما ضمن له في الغيب . والله تعالى أعلم . ثم استعجلوا العذاب ، كما قال تعالى : { قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا } .