Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 35-35)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { أمْ يقولون } أي : كفار قريش : هذا الذي يقرؤه محمد علينا ، ويقصه من خبر مَن قبلنا { افتراه } من عنده . { قل } لهم : { إن افتريتُه } تقديراً { فعليَّ إجرامي } اي : وباله عليَّ دونكم ، { وأنا بريء مما تُجرمون } مما ترتكبون من الإجرام بتكذيبكم وكفركم . الإشارة : ينبغي لمن قوبل بالتكذيب والإنكار أن يكتفي بعلم الله ، ويقول لمن كذبه ما قال نبيه صلى الله عليه وسلم لمن كذبه : { إن افتريته فعلي إجرامي … } الآية . وفي الحِكَم : " متى آلمك عدم إقبال الناس عليك ، أو توجههم بالذم إليك ، فارجع إلى علم الله فيك ، فإن كان لا يقنعك علمه فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم " . قال الشيخ زروق رضي الله عنه : وذلك لأن عدم قناعتك بعلمه يُصيبك في قلبك ودينك ، وأذاهم يُصيبك في عرضك وبدنك ودنياك ، وأيضاً : أذاهم يردك إليه ، فهو فائدتك ، وعدم القناعة بعلمه يردك إليهم ، فهو مصيبة توجب ثلاثاً ، هي علامة عدم القناعة بعلمه : أولها : التصنع والمراءاة ، والثاني : طلب رضاهم بما أمكن في جميع الحالات . الثالث : إظهار علمه وعمله وحاله ، ليعلموا برتبته . والقناعة بعلمه علامتها ثلاث : أولها قصد الإخلاص في كلٍّ ، بحيث لا يبالي أين رآه الخلق ، وكيف رأوه . الثاني : طلب رضاه بالعمل بطاعته ، وترك ما لا يرضيه ، رضوا بذلك أو سخطوا . الثالث : الاكتفاء بعلمه فيما يجري عليه من حكمه وحكمته ، قال إبراهيم التيمي رضي الله عنه لبعض أصحابه : ما يقول الناس فِيّ ؟ فقال : يقولون إنه مرائي ، فقال : الآن طاب العمل . قال بشر الحافي : اكتفى والله بعلم الله . فلم يحب أن يدخل مع علم الله غيره ، وقال أيضاً : سكون النفس لقبول المدح لها أشد عليها من المعاصي . وقال أحمد بن أبي الحواري رضي الله عنه : من أحب أن يعرف بشيء من الخير ، أو يُذكر به ، فقد أشرك مع الله في عبادته لأن من عمل على المحبة لا يحب أن يرى عمله غير محبوبه . وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : لا تنشر علمك ، ليصدقك الناس ، وانشر علمك ليصدقك الله . وإن كان لام العلة موجوداً ، فَعِلَّةٌ تكون بينك وبين الله من حيث أمرك ، خير لك من عِلَّة تكون بينك وبين الناس ، من حيث نهاك . ولعِلَّةٌ تردك إلى الله خير لك من علة تقطعك عن الله . هـ . المراد منه . ثم تمم قصة نوح عليه السلام ، فقال : { وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ } .