Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 96-99)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } بمعجزاتنا الدالة على صدقه ، { وسلطان مبين } وتسلط ظاهر على فرعون ، أو برهان بيِّن على نبوته . قال البيضاوي : والفرق بينهما : أن الآية تعم الأمارة والدليل القاطع ، والسلطان يخص بالقاطع ، والمبين يخص بما فيه جلاء . هـ . أرسلناه { إلى فرعون وملئه } جماعته ، { فاتبعوا أمرَ فرعون } أي : اتبعوا أمره بالكفر بموسى ، أو : فما اتبعوا موسى الهادي إلى الحق ، المؤيد بالمعجزات القاهرة الباهرة ، واتبعوا طريقة فرعون المنهمك في الضلالة والطغيان ، الداعي إلى ما لا يخفى فساده على من له أدنى مسكة من العقل لفرط جهالتهم ، وعدم استبصارهم ، { وما أمرُ فرعون برشيد } أي : ليس أمره برشد وصواب ، وإنما هو غي وضلال . { يَقْدُمُ قومَه يوم القيامة } إلى النار ، كما يتقدم في الدنيا إلى الضلال ، { فأوردهم } : أدخلهم { النار } ذكره بلفظ الماضي مبالغة في تحققه ، ونزّل النار لهم منزلة الماء ، فسمى إتيانها مورداً ثم قال : { وبئس الورد المورود } أي : بئس المَوْرد الذي وردوه ، فإنَّ المورد إنما يراد لتبريد الأكباد ، وتسكين العطش ، والنار بضد ذلك . والآية كالدليل على قوله : { وما أمر فرعون برشيد } فإنَّ من هذا عاقبته لم يكن في أمره رشد ، أو تفسير له ، على أن المراد بالرشيد : ما يكون مأمون العاقبة حميدها . قاله البيضاوي . { وأتبعوا في هذه لعنةً ويومَ القيامة } أي : تتبعهم اللعنة في الدارين { بئس الرفدُ المرفود } : بئس العون المعان ، أو العطاء المعطى . فالرفد : العطاء ، والإرفاد : المعونة ، ومنه : رفادة قريش ، أي : معونتهم للفقراء في الحج بالطعام . والمخصوص بالذم محذوف ، أي : رفدهم ، وهو اللعنة في الدارين . الإشارة : إذا أردتَ أن تعرف قدر الرجل في مرتبة الخصوصية فاسأل عن إمامه الذي يقتدى به ، فإن كان من أهل الخصوصية فصاحبه من الخصوص ، إن دامت صحبته معه ، وإن كان من العموم فصاحبه من العموم . والمراد بالخصوصية : تحقيق مقام الفناء ، ودخول بلاد المعاني . فكل من لم يحصل مقام الفناء ، ولم يشهد إلا المحسوسات فهو من العوام ، ولو بلغ من العلم والعمل ما بلغ ، ولو رأى من الكرامات أمثال الجبال . فمن صحب مثل هذا الذي لم يفن عن نفسه ، ولم يخرج عن دائرة حسه ، لم يخرج من العمومية لأن نفسه فرعونية . قال تعالى : { وما أمر فرعون برشيد } ، وفي الخبر : " المَرْءُ على دين خليله " وقال الشاعر : @ عن المرءِ لا تسأل وسَلْ عن قرينه فكلُّ قرينٍ بالمُقارَنِ يَقْتَدي @@ والله تعالى أعلم . ثم وعظ نبيه بما جرى على الأمم المتقدمة آنفاً ، فقال : { ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ } .