Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 1-3)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : قرآناً : حال ، وعربياً : نعت له ، ولعلكم : يتعلق بأنزلناه أو بعربياً . وأحسن : مفعول نَقُصُّ ، وبما أوحينا : مصدرية ، ويجوز أن يكون هذا القرآن : مفعول نَقُصُّ ، وأحسن القصص : مصدر . يقول الحق جل جلاله : أيها الرسول المجتبى ، والمحبوب المنتقى { تلك } الآيات التي تُتلى عليك هي { آيات الكتاب } المنزل عليك من حضرة قدسنا ، { المبين } أي : الظاهر صدقه ، الشهير شأنه . أو الظاهر أمره في الإعجاز والبلاغة ، الواضح معانيه في الفصاحة ، والبراعة . أو المبين للأحكام الظاهرة والباطنة . أو البَينُ لمن تدبره أنه من عند الله . أو المبين لمن سأل تَعنُّتاً من أحبار اليهود سؤالهم إذ رُوي أنهم قالوا لكبراء المشركين : سلوا محمداً : لِمَ انتقلَ يعقوب من الشام ؟ وعن قصة يوسف . فنزلت السورة . { إنا أنزلناه } أي : الكتاب ، { قرآناً } أي : مقروءاً ، أو مجموعاً ، { عربياً } بلغة العرب ، { لعلكم تعقلون } أي : أنزلناه بلغتكم كي تفهموه وتستعملوا عقولكم في معانيه فتعلموا أن اقتصاصه كذلك ممن لم يتعلم القصص ، ولم يخالط من يعلم ذلك ، معجز إذ لا يتصور إلا بالإيحاء . { نحن نقصُّ عليك أحسن القَصَص } أحسن الاقتصاص لأنه اقتص على أبدع الأساليب ، أو أحسن ما يُقص لاشتماله على العجائب والحِكَمٍ والآيات والعِبَر ، { بما أوحينا إليك هذا القرآن } مشتملاً على هذه السورة التي فيها قصة يوسف ، التي هي من أبدع القصص ، { وإن كنتَ من قبله لَمِنَ الغافلين } عن هذه القصة ، لم تخطر ببالك ، ولم تقرع سمعك . قال البيضاوي : وهو تعليل لكونه موحى ، و " إنْ " هذه : مخففة واللام هي الفارقة . هـ . الإشارة : ما نزل القرآن بلسان عربي مبين إلا لنعقل عظمة ربنا ونعرفه ، وذلك لا يكون إلا بعد استعمال العقول الصافية ، والأفكار المنورة ، في الغوص على درر معانيه . فحينئذٍ تطلع على أنوار التوحيد وأسرار التفريد ، وعلى أنوار الصفات ، وأسرار الذات ، وعلى توحيد الأفعال وتوحيد الصفات ، وتوحيد الذات . وقال تعالى : { مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ } [ الأنعام : 38 ] ، لكن لا يحيط بهذا إلا أهل التجريد ، الذين صفت عقولهم من الأكدار ، وتطهرت من الأغيار ، وملئت بالمعارف والأسرار . قال تعالى : { لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلأَلْبَابِ } [ ص : 29 ] . وهم : أهل العقول الصافية المتفرغة من شواغل الحس . والله تعالى أعلم . ثم شرع في القصة ، فقال : { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ } .