Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 21-21)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : تَبعاً : جمع تابع ، أو مصدر نُعت به للمبالغة على حذف مضاف ، أي : كنا لكم ذا تبع ، ومن عذاب الله من شيء : من ، الأولى لبيان ، والثانية : زائدة ، هذا المختار . وـ عليه الصلاة والسلام ومحيص : إما مصدر ، أو اسم مكان . يقول الحق جل جلاله : { وبرزوا لله } أي : لأمر الله { جميعاً } ، فيبرزون من قبورهم يوم القيامة حفاةً عراةً ، لفصل القضاء ، أو : برزوا لله على ظنهم فإنهم كانوا يرتكبون الفواحش خفية ، ويظنون أنها تخفى على الله ، فإذا كان يوم القيامة انكشفوا لله عند أنفسهم . وإنما عبَّر بالماضي لتحقق وقوعه . فيقول حينئذٍ { الضعفاءُ } وهم : الأتباع ، لضعف رأيهم عندهم ، { للذين استكبروا } وهم الرؤساء الذين استتبعوهم وغووهم : { إنا كنا لكم تَبَعاً } في الكفر ، وتكذيب الرسل ، والإعراض عن نصحهم ، { فهل أنتم مُغْنون عنا من عذابِ الله من شيء } أي : فهل أنتم دافعون عنا شيئاً من عذاب الله ؟ . { قالوا } ، أي : رؤساؤهم ، في جوابهم واعتذارهم : { لو هدانا الله لهديناكم } أي : لو هدانا الله للإيمان ، ووفقنا إليه لهديناكم ولكن ضللنا فأضللناكم ، أي : اخترنا لكم ما اخترنا لأنفسنا ، ولو هدانا الله لطريق النجاة من العذاب لهديناكم وأغنيناه عنكم ، لكن سُدَّ دوننا طريق الخلاص ، { سواءٌ علينا أجزِعْنَا أمْ صَبَرنا } ، أي : مستوٍ علينا الجزع والصبر ، { ما لنا من محيص } : من مهرب ومنجى ، ويحتمل أن يكون قوله : { سواءٌ علينا … } إلخ ، من كلام الفريقين معاً ، ويؤيده ما رُوي أنهم يقولون : تعالوا نجزع ، فيجزعون خمسمائة عام ، فلا ينفعهم ، فيقولون : تعالوا نصبر ، فيصبرون كذلك ، ثم يقولون : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } . نسأل الله العصمة بمنَّه وكرمه . الإشارة : إذا ترقى العارفون ، ومن تعلق بهم ، عن عالم الأشباح إلى عالم الأرواح ، وبرزوا لشهود الله في كل شيء ، وقبل كل شيء ، وبعد كل شيء ، وعند كل شيء ، وتنزهوا في حضرة الأسرار ، ورُفعوا يوم القيامة مع المقربين الأبرار ، بقي ضعفاء اليقين الذين تعوقوا عن صُحبتهم ، في غم الحجاب ، وتعب الحس والخواطر ، مسجونين في سجن الأكوان ، فيقولون لمن عَوَّقهم عن صحبة العارفين من أهل الرئاسة والجاه : إنا كنا لكم تبعاً ، فهل تمنعون شيئاً مما نحن فيه من غم الحجاب ، وسقوط الدرجة ؟ فيقولون : لو هدانا الله لصحبتهم لهديناكم . فإذا نظروا يوم القيامة إلى ارتفاع درجاتهم ضجوا ، وفزعوا على ما فاتهم ، فلا ينفعهم ذلك فما لهم من محيص عن تخلفهم عن مقام المقربين . رُوي أن أهل عليين إذا أشرفوا على الأسفلين تشرق منازلهم من أنوار وجوههم . وسيأتي إن شاء الله الحديث عند قوله : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } [ السجدة : 17 ] . ثم ذكر خطبة الشيطان على أهل النار فقال : { وَقَالَ ٱلشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ ٱلأَمْرُ … }