Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 114-118)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { الكذب } : مفعول بتقولوا ، و { هذا حلال وهذا حرام } : بدل منه ، أي : لا تقولوا الكذب ، وهو قولكم : { هذا حلال وهذا حرام } ، و { ما } في قوله : { لما تصف } ويجوز أن ينتصب الكذب بـ { تصف } ، ويكون " ما " مصدرية . ويكون قوله : { هذا حلال وهذا حرام } معمولاً لتقولوا ، أي : لا تقولوا : هذا كذا وهذا كذا لأجل وصف ألسنتكم الكذب . يقول الحقّ جلّ جلاله : { فكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيبًا } ، أمرهم بأكل ما أحل لهم ، وشُكر ما أنعم عليهم ، بعد ما زجرهم عن الكفر ، وهددهم عليه ، بما ذكر من التمثيل والعذاب الذي حل بهم صدًا لهم عن صنيع الجاهلية ومذاهبها الفاسدة . قاله البيضاوي : { واشكروا نعمتَ الله } لتدوم لكم { إن كنتم إياه تعبدون } فلا تنسبوا نعمه إلى غيره ، كشفاعة الأصنام وغيرها . { إنما حرّم عليكم الميتةَ والدمَ ولحم الخنزيرِ وما أهلّ لغير الله به فمن اضطر غير باغٍ ولا عادٍ فإن الله غفور رحيم } ، تقدم تفسيرها في البقرة والمائدة . قال البيضاوي : أمرهم بتناول ما أحل لهم ، وعدد عليهم محرماته ، ليعلم أن ما عداها حل لهم . ثم أكد ذلك بالنهي عن التحريم والتحليل بأهوائهم بقوله : { ولا تقولوا لما تَصفُ ألسنتُكم الكذبَ هذا حلالٌ وهذا حرام } لما لم يحله الله ولم يحرمه ، كما قالوا : { مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا … } [ الأنعام : 139 ] الآية . هـ . تقولون ذلك { لتفتروا على الله الكذب } بنسبة ذلك إليه . { إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون } أبدًا لأنهم تعجلوا فلاح الدنيا بتحصيل أهوائهم ، فحُرموا فلاح الآخرة ، ولذلك قال : { متاع قليل } أي : لهم تمتع في الدنيا قليل ، يفنى ويزول . { ولهم عذاب أليم } في الآخرة . { وعلى الذين هادوا حرّمنا ما قصَصنَا عليك من قبل } في سورة الأنعام بقوله { وَعَلَى ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } [ الأنعام : 146 ] الآية ، { وما ظلمناهم } بالتحريم ، { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } حيث فعلوا ما عوقبوا به عليه . ذكر الحق تعالى ما حرم على المسلمين ، وما حرم على اليهود ليعلم أن تحريم ما عدا ذلك افتراء على الله . والله تعالى أعلم . الإشارة : يقول الحق - جلّ جلاله - ، لمن بقي على العهد من شكر النعم بالإقرار بفضل الواسطة : { فكلوا مما رزقكم الله } من قوت اليقين وفواكه العلوم ، { واشكروا نعمة الله } إن كنتم تخصونه بالعبادة وإفراد الوجهة . إنما حرَّم عليكم ما يشغلكم عنه ، كجيفة الدنيا والتهارج عليها ، ونجاسة الغفلة ، وما يورث القساوة والبلادة ، وقلة الغيرة على الحق ، وما قبض من غير يد الله ، أو ما قصد به غير وجه الله ، إلا وقت الضرورة فإنها تبيح المحذور . والله تعالى أعلم . ثم حض على التوبة لمن وقع في شيء من هذا