Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 59-59)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { أنْ نرسل } : مفعول " منعنا " ، و { إلا أن كَذَّب } : فاعل . يقول الحق جلّ جلاله : وما صَرَفَنَا عن إرسال الآيات التي اقْتَرَحَتْهَا قريش بقولهم : اجعل لنا الصّفَا ذَهَبًا ، إلا تكذيب الأولين بها ، فهلكوا ، وهم أمثالهم في الطبع ، كعاد وثمود ، وأنها لو أرسلت لكذبوها ، فيهلكوا أمثالهم ، كما مضت به سنتُنا ، وقد قضينا في أزلنا ألا نستأصلهم لأن فيهم من يُؤمن ، أو يلد من يؤمن . ثم ذكر بعض الأمم المهلكة بتكذيب الآيات المقترحة فقال : { وآتينا ثمودَ الناقةَ } بسبب سؤالهم ، { مُبصرةً } بينة ذات إبصار ، أو بصائر واضحة الدلالة ، يُدركها كلُّ من يبصرها . { فظلموا بها } فكفروا بها ، أو : فظلموا أنفسهم بسبب عقرها ، فهلكوا ، { وما نُرسل بالآياتِ } المقترحة { إِلا تخويفًا } من نزول العذاب المستأصِلِ ، فإن لم يخافوا نزل بهم ، أو : وما نرسل بالآيات غير المقترحة ، كالمعجزات وآيات القرآن ، إلا تخويفًا بعذاب الآخرة فإن أمر من بعث إليهم مؤخر إلى يوم القيامة . قاله البيضاوي . قال في الحاشية : ومقتضى حديث الكسوف ، وقوله فيه : " ذلك يُخوف بهما عبادة " : أن التخويف لا يختص بالخوارق ، بل يعم غيرها ، مما هو معتاد نفيه ، ويأتي غِبا . وفي الوجيز : بالآيات أي : العبر والدلالات . وفي الورتجبي : الآيات هي : الشباب والكهولة والشيبة ، وتقلب الأحوال بك ، لعلك تعتبر بحال ، أو تتعظ بوقت . هـ . الإشارة : إمساك الكرامات عن المريد السائر أو الولي : رحمة واعتناء به ، فلعله حين تظهر له ، يقف معها ويستحسن حاله ، أو يزكي نفسه ويرفع عنها عصا التأديب ، فيقف عن السير ، ويُحرم الوصول إلى غاية الكمال ، وفي الحكم : " ما أرادت همة سالك أن تقف عندما كشف لها ، إلاّ نادته هواتف الحقيقة : الذي تطلب أمامك " . وقال الششتري رضي الله عنه : @ ومهما ترى كلَّ المراتِبِ تجتلي عليْكَ فحُلْ عنها فعَن مِثْلها حُلْنا وقُلْ ليْس لي في غَيْر ذاتِكَ مَطْلبٌ فلا صورةٌ تُجْلى ولا طُرْفَةٌ تُجْنى @@ ولما نزّه تعالى نفسه في أول السورة عن الجهة ، التي تُوهمها قضيةُ الإسراء ، صَرَّحَ هنا بأنه محيط بكل مكان وزمان ، لا يختص بمكان دون مكان .