Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 30-31)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : جملة : { إنّا لا نضيع } : خبر " إن " ، والعائد محذوف ، أي : أحسن عملاً ، أو : وقع الظاهر موقعه فإن من أحسن عملاً في الحقيقة هو الذي آمن وعمل صالحًا . و { أولئك } : استئناف لبيان الأجر ، أو : خبر " إن " ، وما بينهما اعتراض ، أو خبر بعد خبر . و { من أساور } : ابتدائية ، و { من ذهب } : بيانية ، و { أساور } : جمع أسورة ، أو أسوار جمع سوار ، فهو جمع الجمع . يقول الحقّ جلّ جلاله : { إِن الذين آمنوا } أي : اختاروا الإيمان ، من قوله : { فمن شاء فليؤمن } ، وكأنه في المعنى عطف على قوله : { أعتدنا للظالمين } ، أي : والذين آمنوا هيأنا لهم كذا وكذا ، ولعل تغيير سبكه : للإيذان بكمال تنافي مآلَيْ الفريقين ، أي : إن الذين آمنوا بالحق الذي أُوحي إليك { وعَمِلُوا } الأعمال { الصالحات } ، حسبما بيَّن فيما أوحي إليك ، { إِنا لا نُضِيعُ أجرَ من أحسن عملاً } ، وأتقنه على ما تقتضيه الشريعة . { أولئك } المنعوتون بهذه النعوت الجليلة { لهم جناتُ عدن تجري } من تحت قصورهم { الأنهار } من ماء ولبن وخمر وعسل ، { يُحلَّون فيها من أساورَ من ذهب } أي : كل واحد يُحلَّى بسوارين من ذهب . وكانت الأساور عند العرب من زينة الملوك ، { ويَلْبَسُون ثيابًا خُضْرًا } ، وخصت الخضرة بثيابهم لأنها أحسن الألوان وأكثرها طراوة . وتلك الثياب { من سُنْدُسٍ وإِستبرقٍ } ، السندس : ما رقَّ من الديباج ، والإستبرق : ما غلظ منه ، جمع النوعين للدلالة على أن فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، { متكئين فيها على الأرائك } جمع أريكة ، وهو السرير في الحجَال ، أي : متكئين على الأسرة المُزينة بالستور الرفيعة ، كحال العرائس المتنعمين . { نِعْمَ الثوابُ } ذلك ، { وحَسُنَتْ مُرتفقًا } : متَّكأ . والآية عامة وإن نزلت في خصوص الصحابة رضي الله عنهم ، وأماتنا على منهاجهم . آمين . الإشارة : إن الذين آمنوا إيمان الخصوص ، وعملوا الأعمال التي تقرب إلى حضرة القدوس وهي تحملُ ما يثقل على النفوس ، أولئك لهم جنات المعارف ، تجري من تحت قلوبهم أنهار العلوم والمواهب ، يُحلَّون فيها بمقامات اليقين ، ويلبسون ثياب العز والنصر والتمكين ، متكئين على سرر الهنا والسرور ، قد انقضت عنهم أيام المحن والشرور ، جعلنا الله فيهم بمنّه وكرمه . ثمَّ ضرب مثلاً لمن اغتر بدنياه ولمن زهد فيها