Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 52-53)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { موبقًا } : اسم مكان ، أو مصدر ، من : وَبَقَ وبوقًا ، كوثب وثوبًا ، ووَبِقَ وبَقًا ، كفرح فرحًا . يقول الحقّ جلّ جلاله : { و } اذكر { يومَ يقولُ } الحق تعالى للكفار توبيخًا وتعجيزًا لهم : { نادُوا شركائِيَ الذين زعمتم } أنهم شفعاؤكم ليشفعوا لكم ، والمراد بهم كل ما عُبد من دون الله ، أو إبليس وذريته ، { فَدَعَوْهم } أي : نادوهم للإغاثة ، { فلم يستجيبوا لهم } : فلم يُغيثوهم ، { وجعلنا بينهم } أي : بين الداعين والمدعوين { مَّوبقًا } أي : مهلكًا يهلكون فيه جميعًا ، وهو النار ، وقيل : العداوة ، وهي نوع من الهلاك ، لقول عمر رضي الله عنه : " لا يكن حُبك كَلَفًا ، ولا بُغْضك تلفًا " . وقيل : المراد بالبيْن : الوصل ، أي : وجعلنا وصلهم في الدنيا هلاكًا في الآخرة ، كقوله : { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعَام : 94 ] ، وقيل : المراد بالشركاء : الملائكة ، وعُزير ، وعيسى - عليهم السلام - ، ويراد حينئذ بالموبق : البرزخ البعيد ، أي : وجعلنا بينهم وبين من عبدوهم برزخًا بعيدًا لأنهم في قعر جهنم ، وهم في أعلى عليين . { ورأى المجرمون النارَ } ، وضع المُظْهَرَ موضع المُضْمَرِ تصريحًا بإجرامهم ، وذمًا لهم ، أي : ورأوا النار { فظنوا } أي : أيقنوا { أنهم مُّواقعوها } مخالطوها وواقعون فيها ، { ولم يجدوا عنها مَصْرِفًا } أي : انصرافًا ومعدلاً ينصرفون إليه ، نسأل الله السلامة من مواقع الهلاك . الإشارة : من اتخذ الله وليًا ، بموالاة طاعته وإفراد محبته ، كان الله له وليًا ونصيرًا عند احتياجه وفاقته ، ومجيبًا له عند دعائه واستغاثته ، ومن اتخذ وليًا غير الله خاب ظنه ومناه ، فإذا استغاث به جعل بينه وبين المستغيث به موبقًا وبرزخًا بعيدًا ، ومن وَالَى أولياء الله فإنما والى الله ، { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [ الفَتْح : 10 ] . وبالله التوفيق . ثمَّ ذكر كفرهم بالقرآن مع كونه آية واضحة للعيان