Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 124-124)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { ابتلى } اختبر ، و { إبراهيم } مفعول ، وفيه أربع لغات ، إبراهام وإبراهوم وإبراهيم وبالقصر ، و { ربه } فاعل ، وقدم المفعول للاهتمام ، وقدم المفعول للاهتمام ، ولئلا يعود الضمير على بعده لفظاً ورتبة ، و { عهدي } فاعل ، و { الظالمين } مفعول . يقول الحقّ جلّ جلاله : واذكر يا محمد ، أو اذكروا يا بني إسرائيل ، حين اختبر { إبراهيمَ رَبُّه بكلمات } أن يعمل بها ، وهي : تسليم بدنه للنيران ، وولده للقربان ، وطعامه للضَّيفان ، أو عشر خصال : خمس في الرأس : المضمضة ، والاستنشاق ، وقصّ الشارب ، والسواك ، وفرق الرأس : وقيل : وإعفاء اللحية ، وخمس في الجسد : تقليم الظفر ، وحلق العانة ، ونتف الإبط ، والاستنجاء بالماء ، والاختتان ، أو مناسك الحج أو الخصال التي امتحن بها وهي : الكوكب ، والقمر ، والشمس ، والنار ، والهجرة ، والذبح ، والأحسن أنها ثلاث : الهجرة من وطنه ، ورمي ولده بمكة ، وذبح الآخرة حين بلغ أن يسعى معه { فأتمهن } أي : وَفَّى بهن ، فلما وَفَّى بهن { قال } الله تعالى له : { إني جاعلك للناس إماماً } ، أي : قدوة بك في بك في التوحيد ، أو في الأصول والفروع ، إذ لم يبعث بعده نبي إلا كان من ذريته ، ومأمور باتباعه . ولمّا جعله الله إماماً طلب ذلك لأولاده فقال : { ومن ذريتي } فاجعل أئمة ، { قال } الحق تعالى : { لا ينال عهدي } أي : لا يلحق عهدي بالإمامة { الظالمين } منهم ، إذ لا يصلح للإمامة إلا البررة الأتقياء ، لأنها أمانة من الله وعهد ، والظالم لا يصلح لها ، وفيه تنبيه على أنه قد يكون من ذريته ظلمة لا يستحقون الإمامة ، وفيه دليل على عصمة الأنبياء قبل البعثة ، وأن الفاسق لا يصلح للإمامة . قاله البيضاوي . الإشارة : إذا أراد الله تعالى أن يجعل وليّاً من أوليائه إماماً يُقتدى به ، وداعياً يدعو إليه ، ابتلاه ، فإن صبر ورضي اصطفاه ، ولحضرته اجتباه ، فيكون إماماً يُقتدى به ، وداعياً يُهتدى به ، وهذه سنة الله تعالى في أصفيائه يبتليهم الله تعالى بتسليط الخلق عليهم وأنواع من البلايا ، فإذا نقوا من البقايا ، وتكلمت فيهم المزايا ، أظهرهم للخلق داعين إلى الله ومرشدين إلى طريق الله ، وقد تبقى الإمامة ذريتهم إن ساروا على هديهم ، ومَن لم يسلك به هذا المسلك فلا يصلح للإمامة ، وإن توجه إليها كان ناقصّا في الدعوة ، ولذلك قال بعضهم : من ادّعى شهود الجمال قبل تأدبه بالجلال ، فارفضه فإنه دجال . هـ . وكل من اتصف بشيء من ظلم العباد لا ينال عهد الإمام في طريق الإرشاد ، وبالله التوفيق ، وهو الهادي إلى سواء الطريق .