Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 133-134)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { أم } : منقطعة ، والاستفهام فيها للإنكار ، أي : ما كنتم حاضرين حين حضر يعقوب الموت ، وقال لبنيه ما قال ، فكيف تدعون اليهودية عليه ، و { إلهاً واحداً } بدل من { إله آبائك } ، وفائدته التصريح بالتوحيد ، ونفي التوهم الناشىء عن تكرير المضاف ، لتعذر العطف على المجرور ، والتأكيد ، أو نصب على الاختصاص أو الحال ، وعد إسماعيل من الآباء تغليباً ، أو لأنه كالأب لقوله - عليه الصلاة والسلام - : " عَمُّ الرُجلِ صِنْوُ أبيه " وقال في العباس : " هذا بقية آبائي " قاله البيضاوي . يقوله الحق جلّ جلاله : في توبيخ اليهود على زعمهم أن اليهودية كانت ملة إبراهيم ، وأن يعقوب عليه السلام أوصى بها عند موته ، فقال : هل كنتم حاضرين عند يعقوب حين حضرته الوفاة حتى أوصى بما زعمتهم ؟ وإنما كانت وصيته أن قال لبنيه : { ما تعبدون من بعدي } أيْ : أيّ شيء تعبدونه ؟ أراد به تقريرهم على التوحيد وأخذ ميثاقهم على الثبات عليه ، { قالوا } في جوابه : { نعبد إلهك } المتفق على وجوب وجوده وثبوت ألوهيته الذي هو { إلهك وإله آبائك } قبلك { إبراهيم } وولده { إسماعيل وإسحاق } الذي هو إلهٌ واحدٌ . ونحون منقادون لأحكامه ، مستسلمون لأمره إلى مماتنا ، فلم يوص يعقوب إلا بما سمعتم ، فانتسابكم يا معشر اليهود إليهم لا يوجب انتفاعكم بأعمالهم ، وإنما تنتفعون بموافقتهم واتباعهم . فتلك { أمة } أي : جماعة { قد خلت لها ما كسبت } من الخير ، { ولكم ما كسبتم } أنتم ، { ولا تسألون عما كانوا يعملون } فلا تؤاخذون بسيئاتهم ، كما لا تثابون بحسناتهم . وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم لقريش : " لا يأتيني الناسُ بأعمَالهِم وتَأتُوني بأنْسَابِكُم " . الإشارة : يقال لمن حصرَ الخصوصية في أسلافه ، ونفاها عن غيرهم : هل حضرتم معهم حين أوصوا بذلك ؟ بل ما كانوا يوصون إلا بإخلاص العبودية ، وتوحيد الألوهية ، ومشاهدة عظمة الربوبية ، فمن حصّل هذه الخصال كانت الخصوصية معه أينما كان ، ومَن حاد عنها ومال إلى متابعة الهوى انتقلت إلى غيره ، ويقال له : إن أسلافه قد جَدُّوا ووجَدُوا ، وأنت لا تنتفع بأعمالهم في طريق الخصوصية ، { تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم … } الآية . وبالله التوفيق .