Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 208-209)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { السلم } ، بالفتح والكسر : هو الاستسلام والانقياد ، ويبعد هنا تفسيره بالصُّلْح ، و { كافة } : حال من الواو والسلم معاً ، كقوله تعالى : { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ } [ مريَم : 27 ] . يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا } بمحمد صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب { ادخلوا في } شرائع الإسلام { كافة } بحيث لا تهملوا شيئاً منها ، ولا تلتفتوا إلى غيرها ، نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه ، حيث دخلوا في اسلام ، وأرادوا أن يُعظّموا السبت ، وتحرجوا من لحوم الإبل . أو في المنافقين حيث أسلموا في الظاهر ، ونافقوا في الباطن ، فقال لهم الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا } في الظاهر ، ادخلوا في الإسلام { كافة } ظاهراً وباطناً . أو في المسلمين يأمرهم بالتمسك بشرائع الإٍلام كلها ، والبحث عن أحكامها وأسرارها ، { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } أي : طُرُقَه الدالة على التفريق والتفرق { إنه لكم عدو مبين } أي : بيّن العداوة . { فإن زللتم } عن طريق الجادَّة ففرقتم بين أجزاء الشريعة ، أو التفتُّم إلى غير شريعتكم ، { من بعد ما جاءتكم } الآيات { البينات } الدالّة على صحة الدين ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، { فاعلموا أن الله عزيز } أي : غالب لا يُعجزه عقابكم ، { حكيم } في إمهاله إلى وقت معلوم . الإشارة : أمر الحقّ جلّ جلاله جميعَ بالصلح معه والاستسلام لأحكامه ، بحيث لا يَصْدُر منهم نِزَاعٌ لأحكامه ، ولا اعتراض على أفعاله ، بل يَنظرون ما يبرز من عنصر القدرة ، فيتلقونه بالرضى والتسليم ، أو الصبر والتصبر ، سواء ظهرت هذه الأفعال على أيدي الوسائط أو بلا وسائط ، إذ لا فاعل سواه ، وكلٍّ من عند الله ، فإن زللتم واعترضتم ، أو سخطتم ، من بعد ما جاءتكم الآيات البيّنات الدالة على وحدانية الحق في ذاته وصفاته وأفعاله ، فاعلموا أن الله عزيز حكيم ، لا يعجزه عقوبتكم وإبعادكم ، لكنه من حكمته يُمهل ولا يهمل ، والله غالب على أمره ، ومن تاب تاب الله عليه .