Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 236-237)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { ما } مصدرية ظرفية ، و { أو تفرضوا } معطوف على { تمسوهن } أي : لا تبعة عليكم ولا إثم إن طلقتم النساء قبل البناء ، مدة كونكم لم تمسوهن ولم تفرضوا لهن مهراً ، و { إلا أن يعفون } مبنى لاتصاله بنون النسوة ، ووزنه : يفعُلن كقوله تعالى : { السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَى مِمَّا يَدْعُنَنِى إِلَيْهِ } [ يُوسُف : 33 ] ، وقوله : { وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسآءِ الَّتِى لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً } [ النُّور : 60 ] ، و { حقّاً } مفعول مطلق . يقول الحقّ جلّ جلاله : لا حرج عليكم من إثم أو صداق ، { إن طلقتم النساء } مدة كونكم { لم تمسوهن } بالجماع ، { ولم تفرضوا لهن فريضة } من الصداق ، فطلقوهن حينئذٍ ، { ومتعوهن } أي : اعطوهن ما يتمتعن به ويجبر كسرهن ، على قدر حال الزوج { على الموسع } أي : الغنى ، { قدره } من المتعة كأمة أو كسوة أو مال يليق بحاله ، { وعلى المقتر } أي : الذي تقتر رزقه ، أي ضيق عليه ، وهو الفقير ، { حقّاً على المحسنين } أي : حقّ ذلك عليهم حقّاً . حمل مالكُ الأمْرَ على الندب ، وحمله غيره على الوجوب ، وهو الظاهر . وإن طلقتموهن بعد المسيس فالصداق كامل ، { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن } صداقاً { فنصف ما فرضتم } يجب عليكم ، { إلا أن يعفون } أي : النساء ، عن نصف الصداق ، { أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح } ، وهو الأب في ابنته البكر قاله مالك ، أو الزوج بأن يدفعه كاملاً ، قاله الشافعي ، { وأن تعفوا } أيها الأولياء عن الزوج ، فلا تقبضوا منه شيئاً ، { أقرب للتقوى } لأن المرأة لم يذهب لها شيء فسلُعتُها قائمة ، { ولا تنسوا الفضل } والإحسان { بينكم } فتسامحوا يسمح لكم ، { إن الله بما تعملون بصير } لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ، فيجازي المحسن بإحسانه ، { والله يحب المحسنين } . الإشارة : من المريدين من تحصل له الغيبة عن نفسه ، والجذب عنها ، بعد أن يمسها بالمجاهدة والمكابدة ، فحينئذٍ يمتعها بالشهود والعيان ، وهذه طريق الجادة . ومنهم من تحصيل له الغيبة عن نفسه والجذب عنها قبل أن يمسها ، ويجاهدها ، وهو نادر بالنسبة إلى الأول ، فيقال لهؤلاء الفريق : لا جناح عليكم إن طلقتم أنفسكم ، وغبتم عنها ، من قبل أن تمسوها ، وقبل أن تعرضوا عليها وظائف العبودية . ومتعوهن بالشهود والعيان على قدر وسعكم وقوة شهودكم ، على الموسع قدره من لذة الشهود ، وعلى المقتر - أي : المضيق عليه في المعرفة - قدره من لذة الشهود ، حق ذلك حقّاً على المحسنين الذي حازوا مقام الإحسان ، وفازوا بالشهود والعيان . وإن حصل لكم جذب العناية ، وطلقتم أنفسكم قبل أن تمسوها ، وقد كنتم وظفتم عليها أوراداً من وطائف العبودية فنصف ما فرضتم ، وهو المهم منها لأن عبادتها صارت قلبية ، فيكفيها من العبادة القالبية المهم ، إلا أن تقوى على ذلك مع الشهود . أو يأمرها الذي بيده عقدة نكاحها ، وهو الشيخ ، فلا يضرها الاشتغال بها حيث كان بإذْن ، وأن تعفوا ، أيها الشيوخ ، عن المريدين في العبادة الحسيّة ، وتأمروهم بالعبادة القلبية ، أقرب للتقوى الكاملة ، وهي تقوى السَّوَى . والله تعالى أعلم . ولما ذكر الحقّ تعالى شأن النساء ، حذر من الاشتغال بهن عن العبادة .