Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 257-257)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : الولي : هو المحب الذي يتولى أمور محبوبه ، أو الناصر الذي ينصر محبوبه ، ولا يخذله بأن يكله إلى نفسه . وجملة { يخرجهم } : حال من الضمير المستتر في الخبر ، أو من الموصول أو منها ، أو خبر ثان . يقول الحقّ جلّ جلاله : { الله ولي الذين آمنوا } أي : محبهم ومتولي أمورهم ، { يخرجهم من } ظلمات الكفر والجهل ، ومتابعة الهوى وقبول الوسواس ، والشبه المُشْكِلة في التوحيد - إلى نور الإيمان واليقين ، وصحة التوحيد ، ومتابعة الداعي إلى الله ، { والذين كفروا أولياؤهم } أي : أحباؤهم { الطاغوت } أي : الشياطين ، أو المضلات من الهوى والشيطان وغيرهما ، { يُخرجونهم من النور } الذي مُنحوه بالفطرة الأصلية ، أو يصدونهم من الدخول في الإيمان إلى ظلمات الكفر والجهل ، والتقليد الرديء واتباع الهوى ، { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } بسبب نِيَّاتهم البقاء على الكفر إلى الممات ، ولم يذكر في جانب المؤمنين دخول الجنة لتكون عبادتهم عبودية ، لا خوفاً ولا طمعاً . والله تعالى أعلم . الإشارة : { الله ولي الذين آمنوا } حيث تولاهم بسابق العناية ، وكلأهم بعين الرعاية ، يخرجهم أولاً من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، ثم من ظلمات الحس ورؤية الأكوان إلى نور المعاني بحصول الشهود والعيان ، فافن عن الإحساس تر عبراً . " الكون كله ظلمة ، وإنما أناره ظهور الحق فيه " . أو تقول : الكون كله ظلمة لأهل الحجاب ، وأما عند أهل المعرفة فالكون عندهم كله نور ، وإنما حجبه ظهور الحكمة فيه ، " فمن رأى الكون ولم يشهد النور فيه ، أو قبله ، أو بعده ، فقد أعوزه وجود الأنوار وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار " . والذين كفروا - وهم الذين سبق لهم الشقاء ، وحكم عليهم بالبعد القدر والقضاء - أولياؤهم الطاغوت ، وهم القواطع : من الهوى والشيطان والدنيا والناس ، { يخرجونهم من النور إلى الظلمات } أي : يمنعونهم من شهود تلك الأنوار السابقة ، إلى الوقوف مع تلك الظلمات المتقدمة ، فهم متعاكسون مع من سبقت لهم العناية ، فما خرج منه أهل العناية وقع فيه أهل الغواية . نسأل الله الحفظ والعافية في الدنيا والآخرة .