Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 79-79)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { ويل } : كلمة يستعملها كل واقع في هلكة ، وأصلها العذاب والهلكة ، وهو في الأصل مصدر لا فعل له ، وسوغ الابتداء به الدعاء ، وقال أبو سعيد الخدري عن النبيّ صلى الله عليه وسلم : " الويلُ وادٍ في جَهنَّم " [ لو سيرت فيه جبال الدنيا لانماعت ] . يقول الحقّ جلّ جلاله : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ } تحريفاً لكتاب الله ، { وَيقُولُونَ هَذَا مِنْ عند الله } خوفاً من أن تزول رئاستهم ، وينقطع عنهم ما كانوا يأخذونه من سفلتهم ، نزلت في أحبار اليهود لما قدم النبيّ صلى الله عليه وسلم المدينة ، خافوا أن تزول رئاستهم ، فاحتالوا في تعويق اليهود عن الإسلام ، وكانت صفة النبي صلى الله عليه وسلم " حسن الوجه ، حسن الشعر ، أكحل العينين ، ربعة " ، فغيروها ، وكتبوا : طوالاً ، أزرق ، سبط الشعر ، { فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ } ، ويأخذون من سفلتهم ، فهو وإن كان كثيراً في الحسن فهو ، بالنسبة إلى ما استوجبوه من العذاب الأليم ، قليل . الإشارة : ينزجر بهذه الآية صنفان : أحدهما : علماء الأحكام ، إذا أفتوا بغير المشهور ، رغبة فيما يقبضون على الفتوى من الحطام الفاني ، وكذلك القضاة إذا حكموا بالهوى ، رغبة فيما يقبضون من الرشا ، أو يحصلونه من الجاه ، { فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ } الثاني : أهل الرئاسة والجاه من أولاد الصالحين وغيرهم ، فإنهم إذا رأوا أحداً قام بولاية أو نسة خافوا على زوال رئاستهم ، فيحتالون على الناس بالتعويق عن الدخول في طريقته ، فيكتبون في ذلك سفسطات وترهات ، يُنفِّرون الناس عن اتباع الحق ، { وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ } [ التّوبَة : 32 ] .