Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 26-26)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { الخبيثاتُ } من النساء { للخبيثين } من الرجال ، { والخبيثون } من الرجال { للخبيثات } من النساء . وهذه قاعدة السنة الإلهية ، أن الله تعالى يسوق الأهل للأهل ، فمن كان خبيثاً فاسقاً يُزوجه الله للخبيثة الفاسقة مثله ، ومن كان طيباً عفيفاً رزقه الله طيبة مثله . وهو معنى قوله تعالى : { والطيباتُ } من النساء { للطيبين } من الرجال { والطيبون } من الرجال ، { للطيباتِ } من النساء ، فهذا هو الغالب . وحيث كان - عليه الصلاة والسلام - أطيب الأطيبين ، وخيرة الأولين والآخرين ، تبين كون الصديقة - رضي الله عنها - من أطيب الطيبات ، واتضح بطلان ما قيل فيها من الخرافات ، حسبما نطق به قوله تعالى : { أولئك مبرؤون مما يقولون } ، على أن الإشارة إلى أهل البيت ، المنتظمين في سلك الصِّدِّيقِيَّةِ انتظاماً أولياً ، وقيل : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والصدِّيقة وصفوان ، وما في اسم الإشارة من معنى البُعد ، للإيذان بعلو رتبة المشار إليهم ، وبُعْدِ منزلتهم في الفضل ، أي : أولئك الموصوفون بعلو الشأن : مبرؤون مما يقوله أهله الإفك في حقهم من الأكاذيب الباطلة . وقيل : الخبيثات من القول تقال للخبيثين من الرجال والنساء ، أي : لائقة بهم ، لا ينبغي أن تقال إلا لهم . والخبيثون من الفريقين أَحِقَّاءُ بأن يُقَالَ في حقهم خبائث القول . والطيبات من الكلم للطيبين من الفريقين ، مختصة بهم ، وهم أحقاء بأن يقال في شأنهم طيبات الكلم . { أولئك } الطيبون { مبرؤون } مما يقول الخبيثون في حقهم . فمآله تنزيه الصديقة أيضاً . وقيل : الخبيثات من القول لا تصدر إلا من الخبيثين ، والطيبات من الكلمات لا تصدر إلا من الطيبين ، وهم مبرؤون مما يقوله أهل الخبث ، لا يقع ذلك منهم أَلْبَتَّةَ ، { لهم مغفرة } لما لا يخلو عنه البشر من الذنب ، { ورزق كريم } هو نعيم الجنان . دخل ابن عباس رضي الله عنه على عائشة - رضي الله عنها - في مرضها ، وهي خائفة من القدوم على الله عز وجل ، فقال : لا تخافي ، فإنك لا تقدمين إلا على مغفرة ورزق كريم ، وتلى الآية ، فغشي عليها : فرحاً بما تلا . وقالت رضي الله عنها - : قد أُعْطِيت تسعاً ما أُعْطِيَتْهُنَّ امرأة : نزل جبريل بصورتي في راحته ، حين أمر - عليه الصلاة والسلام - أن يتزوجني ، وتزوجني بكراً ، وما تزوج بكراً غيري ، وتوفي - عليه الصلاة والسلام - ورأسه في حِجْري ، وقبره في بيتي ، وينزل عليه الوحي وأنا في لحافه ، وأنا ابنة خليفته وصديقه ، ونزل عذري من السماء ، وخُلقت طيبة عند طيب ، ووُعدت مغفرةً ورزقاً كريماً . الإشارة : الأخلاق الخبيثة مثل الكبر ، والعجب ، والرياء ، والسمعة ، والحقد ، والحسد ، وحب الجاه والمال ، للخبيثين ، والخبيثون للخبيثات ، فهم متصفون بها ، وهي لازمة لهم ، إلا أن يَصْحُبوا أهل الصفاء والتطهير ، فيتطهرون بإذن الله ، والأخلاق الطيبات كالتواضع ، والإخلاص ، وسلامة الصدور ، والزهد ، والورع ، والسخاء ، والكرم ، وغير ذلك من الأخلاق الطيبة ، للطيبين ، والرجال الطيبون للأخلاق الطيبات . أولئك مبرؤون مما يقول أهل الإنكار فيهم ، لهم مغفرة ستر لعيوبهم ، ورزق كريم لأرواحهم من قوت اليقين ، وشهود رب العالمين . وبالله التوفيق . ولمّا كان سبب الافك هو تهمة الخلوة ، أمر بالاستئذان ، فقال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتاً … }