Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 51-52)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : قول : خَبَرُ " كَانَ " مُقَدَّمٌ ، وأن يقولوا : اسمها مؤخر ، وقرأ الحسن : بالرفع على الاسمية ، والأول : أرجح صنَاعةً ، والثاني : أظهر دلالة ، وأكثر إفادة . انظر أبا السعود . يقول الحق جل جلاله : { إِنما كان قَوْلَ المؤمنين } الصادر عنهم { إذا دُعُوا إلى الله ورسولِه ليحكم } الرسولُ صلى الله عليه وسلم { بينهم } وبين خصومهم ، سواء كانوا منهم أو من غيرهم ، { أن يقولوا سمعنا } قوله ، { وأطعنا } أمره ، { وأولئك هم المفلحون } الفائزون بكل مطلب ، الناجون من كل مهرب . والإشارة إلى المؤمنين باعتبار صدور القول المذكور عنهم ، وما فيه من البُعد ، للإشعار بعلو رتبتهم ، وبُعد منزلتهم في الفضل ، أي : أولئك المنعوتون بتلك النعوت الجميلة هم الفائزون بكل مطلوب . { ومن يُطع الله ورسولَه } ، هذا استئناف جيء به لتقرير ما قبله من حسن حال المؤمنين ، وترغيب مَن عَدَاهم في الانتظام في سلكهم ، أي : ومن يُطع الله ورسوله ، كائناً من كان ، فيما أمَرَا به من الأحكام الشرعية اللازمة والمتعدية ، وقيل : من يطع الله في فرائضه ، ورسولَهُ في سننه . { ويَخْشَ الله } على ما مضى من ذنوبه ، { ويتَّقه } فيما يستقبل من عمره ، { فأولئك } الموصوفون بما ذكر من الطاعة والخشية ، والاتقاء ، { هم الفائزون } بالنعيم المقيم ، لاَ مَنْ عَدَاهُم . وعن بعض الملوك : أنه سأل عن آية كافية ، فتُليت عليه هذه الآية . وهي جامعة لأسباب الفوز . قال القرطبي : ذكر أسلم : أن عمر بينما هو قائم في مسجده صلى الله عليه وسلم فإذا رجل من دهاقين الروم قائم على رأسه ، وهو يقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، فقال له عمر : ما شأنك ؟ قال : أسلمت ، قال : ألهذا سبب ؟ قال : نعم إني قرأت التوراة والزبور والإنجيل ، وكثيراً من كتب الأنبياء ، فسمعت أسيراً يقرأ آية من القرآن ، جمع فيها كل ما في الكتب المتقدمة ، فعلمت أنه من عند الله ، فأسلمت . قال : ما هذه الآية ؟ قال قوله تعالى : { ومن يُطع الله } في الفرائض ، { ورسولَه } في السنن ، { ويَخْشَ الله } فيما مضى من عمره ، { ويتَّقه } فيما بقي ، { فاولئك هم الفائزون } والفائز : من نجا من النار واُدْخِل الجنة ، فقال عمر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أُعطيتُ جوامع الكلم " هـ . والله تعالى أعلم . الإشارة : إنما كان قول المؤمنين الكاملين ، الطالبين الوصول إلى حضرة رب العالمين ، إذا دُعوا إلى حضرة الله ورسوله ليحكم بينهم وبين نفوسهم التي حجبتهم حتى يغيبوا عنها ، أن يقولوا : سمعنا وأطعنا ، ويدخلوا تحت تربية المشايخ ، فإذا أمروهم أو نهوهم ، قالوا : سمعنا وأطعنا ، وأولئك هم المفلحون الفائزون بالوصول إلى الله تعالى . ومن يطع الله في أمره ونهيه ، ورسوله في سنَّـته ، وما رغَّب فيه ، ويخش الله أن يعاتبه ، أو يؤدبه ويتقه أي : يجعل وقاية بينه وبيْن ما يحجبه أو يبعده عنه فأولئك هم الفائزون الظافرون بمعرفة الله على نعت الشهود والعيان . وبالله التوفيق . ثم رجع إلى تتمة القسم الأول ، حاكيا بعض جنايتهم ، فقال : { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ … }