Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 60-60)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : " القواعد " : جمع قاعد ، بغير تاء لأنهما من الصفات المختصة بالنساء ، كالطالق والحائض ، فلا تحتاج إلى تمييز ، وهو مبتدأ ، و اللاتي … إلخ : صفة له ، فليس : خبر ، وأدخلت الفاء لما في المبتدأ من معنى الشرط من العموم الذي في الألف واللام . و يرْجُون : مبني لاتصاله بنون النسوة . يقول الحق جل جلاله : { والقواعدُ } أي : العجائز { من النساء اللاتي } قعدن عن الحيض والولادة لِكِبَرِهِنَّ . قال ابن قتيبة : سمين بذلك لأنهن بعد الكِبَرِ يُكثرن القعود . ويقرب منه من فسره بالقعود عن التصرف للكبر ، والظاهر أن قوله : { لا يرْجُون نِكاحاً } : نعت مُخَصِّصٌ ، إن فُسِّرَ القعود فيها بالقعود عن الحيض والولد لأنه قد يكون فيها مع ذلك رَغْبَةٌ للرجال . وقد يُجْعَلُ كاشفاً إذا فسر القعود باستقذار الرجال لهن من عزوف النفس عنهن ، فقوله : { لا يرجون نكاحاً } أي : لا يطمعن في رغبة الرجال فيهن ، { فليس عليهن جناحٌ } في { أن يَضَعْنَ ثيابَهنّ } أي : الثياب الظاهرة ، كَالجِلْبَابِ الذي فوق الخمار ونحوه . قال ابن عطية : قرأ ابن مسعود وأُبَيّ : " أن يَضَعْنَ مِنْ ثيابهن " . والعرب تقول : امرأة واضع ، للتي كبرت فوضعت خِمَارها ، قال في الحاشية : والآية صادقة بما إذا دخل أجنبي بعد الاستئذان ، وبخروجهن أيضاً ، ومن التبرج : لبس ما يَصف لكونه رقيقاً ، أو : شفافاً . هــ . ثم قيَّد الرخصة بقوله : { غير مُتَبرِّجَاتٍ بزينة } أي : مظهرات زينة ، يريد الزينة الخفية ، كالشعر والنحر والساق ونحوه ، أي : لا يقصدن بوضعهن التبرجَ وإظهارَ مَحَاسنها ، ولكن التخفيف . وحقيقة التبرج : تَكَلُّفُ إِظْهَارِ ما يجب إخفاؤه ، من قولهم : سفينة بارجة : لاَ غِطَاءَ عليها ، إلا أنه خص بكشف المرأة زينتها أو محل حسنها للرجال . { وأن يستعففنَ } أي : يطلبن العفة عن وضع الثياب ، فيتسترن { خيرٌ لهن } من الانكشاف ، { والله سميعٌ عليم } أي : سميع ما يجري بيهن وبين الرجال من المقاولة ، عليم ، فيعلم مقاصدهن وسرائرهن في قصد التخفيف أو التبرج ، وفيه من الترهيب ما لا يخفى . الإشارة : إذا كمل تهذيب الإنسان وإخلاصه ، وكمل استغناؤه بربه ، فلا بأس أن يظهر من أحواله وعلومه ما يقتدى به ويُهتدى ، ليعلم الانتفاع به . فإن خيف منه تهمة فالاستعفاف والاكتفاء بعلم الله خير له . والله سميع عليم . ثم أسقط الحرج عن الأعمى في الاستئذان ، واستطرد معه غيره ، ممن اشترك معه في مطل العذر ، وان اختلف المرخص فيه ، فقال : { لَّيْسَ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ … }