Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 82-82)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { وإذا وقع القولُ عليهم } أي : وقع مصداق القول الناطق بمجيء الساعة ، بأن قَرُب إتيانها ، وظهرت أشراطها ، فأراد بالوقوع : دنوه واقترابه ، كقوله : { أَتَىَٰ أَمْرُ ٱللهِ … } [ النحل : 1 ] رُوي أن ذلك حين ينقطع الخير ، ولا يُؤمر بمعروف ولا يُنهى عن منكر ، ولا يبقى منيب ولا تائب . و " وقع " : عبارة عن الثبوت واللزوم ، وهذا بمنزلة : { حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ } [ الزمر : 19 ] أي : وإذا انتجز وعد عذابهم التي تضمنه القول الأزلي ، وأراد أن ينفذ في الكافرين سابق علمه لهم من العذاب ، أخرج لهم دابة من الأرض . وفي الحديث : " إن الدابة ، وطلوع الشمس من المغرب ، من أول الأشراط " . فلا ينبغي لهؤلاء الكفرة ترك الإيمان حيث ينفعهم ، ويتطلبون وقوع الساعة الموعود بها ، التي لا ينفع الإيمان لمن لم يكن آمن ، مع ظهور مقدماتها ، فضلاً عنها . فإذا وقع الوعد وَسَمَت الدابة مَن لم يؤمن بِسمة الكفر ، وكان ذلك طبعاً وختماً ، فلا يقبل منه إيمان ، ويقال له : أيها الكافر لم تؤمن بالآيات غيباً ، فلا يقبل منك بعد رؤيتها عيناً وهذا معنى قوله : { أخرجنا لهم دابةً من الأرض } ، وهي الجساسة ، طولها ستون ذراعاً ، لا يدركها طالبٌ ، ولا يفوتها هاربٌ ، لها أربع قوائم ، وزغب ، وريش ، وجناحان . وقيل : لها رأس ثور ، وعين خنزير ، وأذن فيل ، وقرن أيّل ، وعنق نعامة ، وصدر أسد ، ولون نمر ، وخاصرة هرّة ، وذنب كبش ، وخف بعير ، وما بين المفصلين اثنا عشر ذراعاً ، تخرج من الصفا فتكلّمهم بالعربية فتقول { أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } أي : بخروجي لأن خروجها من الآيات ، وتقول : ألا لعنة الله على الظالمين . وفي حديث حذيفة رضي الله عنه : " تأتي الدابة المؤمن ، فتُسلم عليه ، وتأتي الكافر فتخطه - أي تسمه - في وجهه " . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تَخْرُجُ الدَّابةُ مَعها خاتمُ سُليمانَ ، وعَصا مُوسى ، فتَجْلُو وَجْهَ المُؤمِن ، وَتَخْتُم أنْفَ الكافِر بالخاتَم ختَّى أَنَّ أَهْلَ الحِواء مجْتَمِعُون فيقول : هاها يا مُؤمْن ويقول : هاها يا كافِرُ " وهي بعد نزول عيسى وطلوع الشمس من مغربها . والله تعالى أعلم . الإشارة : وإذا وقع القول على قوم بإسدال الحجاب ، وإدامة غلق الباب ، أخرج لهم جاهل بالله ، يكلمهم بادعاء التربية ، فيأخذون عنه ، ويقتدون به . قال في المباحث : @ واعلم بأن عُصبة الجُهال بهائم في صور الرجال @@ فالجاهد بالله دابة في الأرض : أنَّ الناس كانوا بآياتنا الدالة علينا - وهم العلماء بالله ، أهل الشهود والعيان - لا يُوقنون بوجودهم ، ولا يعرفون وجود الخصوصية عندهم . فإذا أراد الله تعب عبد ، وإبقاءه في غم الحجاب ، ألقاه إلى شيخ جاهل بالله ، أو : إلى ميت يتخذه شيخاً ، ويفنى محبته ، فلا يرجى فلاحه في طريق الخصوصية ، ما دام مقيداً به ، فإن تركه واقتدى بالعارف الحي ، فقد هيأه لرفع الحجاب . وبالله التوفيق . ثم ذكر قيام الساعة ، بعد ذكر بعض أشراطها ، فقال : { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ … }