Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 24-25)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { مودَّةَ بينكم } : مَنْ نَصَبَها : فله وجهان أحدهما : على التعليل ، أي لتوادوا بينكم ، والمفعول الثاني محذوف ، أي : اتخذتم أوثاناً آلهة . والثاني على المفعول الثاني لاتخذتم ، كقوله : { اتخذ آلهه هواه } [ الفرقان : 43 ] . وما : كافة ، أي : اتخذتم الأوثان سَبَبَ المودَّةِ على حَذْفِ مضاف ، أو : اتخذتموها مَوْدُودَةً بينكم . وبينكم : نصب على الظرفية نعت لمودة ، أي : حاصلة بينكم . ومن رفع : فله وجهان إما خبر إن ، وما موصولة ، أو : عن مبتدأ محذوف ، أي : هي مودة بينكم ، وبينكم : مضاف إليه ما قبله . يقول الحق جل جلاله : { فما كان جوابَ قومه } قوم إبراهيم حين دعاهم إلى الله { إلا أن قالوا اقتلوه أو حَرِّقوه } ، قاله بعضهم لبعض ، أو : قاله واحد منهم ، وكان الباقون راضين ، فكانوا جميعاً في الحكم القائلين . فاتفقوا على تحريقه ، { فأنجاه الله من النار } حين قذفوه فيها بأن جعلها برداً وسلاماً . وتقدم في الأنبياء تمام القصة . { إن في ذلك } فيما فعلوه به وفعلناه { لآياتٍ } دالةً على عظم قدرته { لقوم يؤمنون } لأنهم المنتفعون بالفصح عنها والتأمل فيها . رُوي أنه لم ينتفع بها في تلك الأيام أحد لذهاب حرها لأن كل نار سمعت الخطاب فامتثلت . { وقال } إبراهيمُ لقومه : { إِنما اتخذتم من دون الله أوثاناً } أصناماً آلهة { مودَّةَ بينكم في الحياة الدنيا } أي : لتوادوا بينكم في الحياة الدنيا ، وتواصلوا لاجتماعكم على عبادتها ، واتفاقكم عليها كما تتفق الناس على مذهب أو طريق ، فيكون ذلك سبب تحابهم . أو : إنما اتخذتم الأوثان سبب المودة ، أو اتخذتموها مودودة ومحبوبة بينكم ، أو : إن التي اتخذتموها أوثاناً تعبدونها هي مودة بينكم في الدنيا ، { ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض } أي : تتبرأ الأصنام من عابديها كقوله : { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } [ الزخرف : 67 ] . { ويلعن بعضُكم بعضاً } ، فتلعن الأتباعُ الرؤساء : { ومأواكم النار } أي : مأوى العابد والمعبود والتابع والمتبوع . { وما لكم من ناصرين } يحصنونكم منها . الإشارة : الإنكار على أهل الخصوصية سنَّة الله في خلقه ، فلا يأنف منها إلا جاهل ، والاجتماع على التودد على غير ذكر الله ومحبته وما يقرب إليه ، كله يؤدي إلى التباغض والتلاعن يوم القيامة { الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين } ، وهم المتحابون في الله ، والمجتمعون على ذكر الله والعلم به . والله تعالى أعلم .