Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 149-150)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا إن تُطيعوا الذين كفروا } وهم المنافقون ، لما قالوا للمسلمين عند الهزيمة : ارجعوا إلى دينكم الأول ، ولو كان نبيّاً ما قتل ، { يردوكم على أعقابكم } راجعين عن إيمانكم ، { فتنقلبوا خاسرين } مفتونين عن دينكم ، فتحبط أعمالكم فتخسروا الدنيا والآخرة ، بل أثبتوا على إيمانكم ، فإن الله { مولاكم } سينصركم ويعزكم ، { وهو خير الناصرين } ، وقيل : إن تسكنوا إلى أبي سفيان وأشياعه وتستأمنوهم يردوكم إلى دينهم . وقيل : عام في مطاوعة الكفرة والنزول على حكمهم فإنه يجر إلى موافقتهم على دينهم ، لا سيما إن طالت مدة الاستئمان . قلت : وهذا هو السبب في ارتداد من بقي من المسلمين بالأندلس حتى رجعوا نصارى ، هم وأولادهم ، والعياذ بالله من سوء القضاء . الإشارة : يا أيها المريدون - وخصوصاً المتجردين - إن تطيعوا العامة ، وتركنوا إليهم ، يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بطلب الدنيا وتعاطي أسبابها ، فتزلَّ قدمٌ بعد ثُبْوتها ، وتنحط من الهمة العالية إلى الهمة السفلى ، فإن الطباع تُسرق ، والمرء على دين خليله ، بل أثبتوا على التجريد وتحقيق التوحيد ، فإن الله مولاكم { وهو خير الناصرين } فينصركم ويعزكم ويغنيكم بلا سبب ، كما وعدكم { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 ، 3 ] .