Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 157-158)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : إذا اجتمع القسم والشرط ذكر جواب الأول وأغنى عن الثاني ، فقوله : { لمغفرة } : جواب القسم ، أغنى عن جواب { إن } ، والتقدير : إن قتلتم في سبيل الله غفر الله لكم ، ثم سد عنه { لمغفرة … } الخ ، ومن قرأ : { مِتم } بكسر الميم ، فهو من : مات يمات ، كهاب يهاب هِبتُ ، وخاف يخاف خِفتُ ، ومن قرأ بالضم : فمن مات يموت ، كقال يقول قُلت . يقول الحقّ جلّ جلاله : إن السفر والغزو ليس هما مما يجلب الموت أو يقدم الأجل ، وعلى تقدير : لو وقع ذلك وحضر أجلكم فيه وقتلتم { في سبيل الله } بالسيف ، { أو متم } حتف أنفكم ، لما تنالون من المغفرة والرحمة والروح والريحان { خير مما تجمعون } من حطام الدنيا الفانية لو لم تموتوا ، وعلى أي وجه متم أو قتلتم فلا تحشرون إلا إلى الله ، لا إلى أحد غيره ، فيوفى جزاءكم ويعظم ثوابكم ، وأما البقاء في الدنيا فلا مطمع لأحد فيه ، سافر أو قعد في بيته ، وقدَّم أولاً القتل على الموت وأخره ثانياً لأن الأول رتب عليه المغفرة والرحمة ، وهما في حق من فتل في الجهاد أعظم ممن مات بغيره ، فقدمه اعتناء به ، وفي الثاني رتب عليه الحشر ، وهو مستوٍ في القتل والموت ، فلا مزية فيه للقتل على الموت . والله أعلم . الإشارة : ولئن قتلتم نفوسكم وبذلتم مهجكم في طلب محبوبكم ، فظفرتم بالوصول إليه قبل موتكم ، أو متم في السير قبل الوصول إلى محبوبكم ، لما تنالون من كمال اليقين وشهود رب العالمين ، أو من المغفرة والرحمة التي تضمكم إلى جواره ، خير مما كنتم تجمعون من الدنيا قبل توجهكم إليه ، فإن الموت والحشر مكتوب على كل مخلوق ، فيظهر فوز المجاهدين والمتوجهين ، وغبن القاعدين المستوفين . وبالله التوفيق .